فَإِنَّ هُنَا إِنْسَانًا يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ مُعَاذٍ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ. وَأَشَارَ الْأَثْرَمُ بِذَلِكَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ فَإِنَّ مِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَأَبُو حَسَّانٍ اسْمُهُ مُسْلِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ شَرْطِ الْبُخَارِيِّ. وَلِرِوَايَةِ أَبِي حَسَّانٍ هَذِهِ شَاهِدٌ مُرْسَلٌ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُفِيضُ كُلَّ لَيْلَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ إِلَخْ) ثُمَّ قَالَ: (رَفَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ) وَصَلَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِلَفْظِ أَبِي نُعَيْمٍ وَزَادَ فِي آخِرِهِ: وَيَذْكُرُ - أَيِ ابْنُ عُمَرَ - أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ فَعَلَهُ. وَفِيهِ التَّنْصِيصُ عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى مِنًى بَعْدَ الْقَيْلُولَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ خَرَجَ مِنْهَا إِلَى مَكَّةَ لِأَجْلِ الطَّوَافِ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَيُذْكَرُ عَنْ الْقَاسِمِ وَعُرْوَةَ وَالْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂: أَفَاضَتْ صَفِيَّةُ يَوْمَ النَّحْرِ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ أَيْ: طُفْنَا طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَهُوَ مُطَابِقٌ لِلتَّرْجَمَةِ، وَذَكَرَ فِيهِ قِصَّةَ صَفِيَّةِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي: بَابِ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَمَا أَفَاضَتْ قَرِيبًا.
قَوْلُهُ: (وَيُذْكَرُ عَنِ الْقَاسِمِ، وَعُرْوَةَ، وَالْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَفَاضَتْ صَفِيَّةُ يَوْمَ النَّحْرِ) وَغَرَضُهُ بِهَذَا أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ لَمْ يَنْفَرِدْ عَنْ عَائِشَةَ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْزِمْ بِهِ لِأَنَّ بَعْضَهَمْ أَوْرَدَهُ بِالْمَعْنَى كَمَا نُبَيِّنُهُ، أَمَّا طَرِيقُ الْقَاسِمِ فَهِيَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْهُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنَّا نَتَخَوَّفُ أَنْ تَحِيضَ صَفِيَّةُ قَبْلَ أَنْ تُفِيضَ، فَجَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: أَحَابِسَتُنَا صَفِيَّةُ؟ قُلْنَا: قَدْ أَفَاضَتْ. قَالَ: فَلَا إِذًا. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْهَا: أَنَّ صَفِيَّةَ حَاضَتْ بِمِنًى وَكَانَتْ قَدْ أَفَاضَتْ الْحَدِيثَ. وَأَمَّا طَرِيقُ عُرْوَةَ فَرَوَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ صَفِيَّةَ حَاضَتْ بَعْدَمَا أَفَاضَتْ، وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ عَقِبَ رِوَايَةِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ: أَكُنْتِ أَفَضْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ، وَقَالَ نَحْوَهُ، وَأَمَّا طَرِيقُ الْأَسْوَدِ فَوَصَلَهَا الْمُصَنِّفُ فِي: بَابِ الْإِدْلَاجِ مِنَ الْمُحَصَّبِ، بِلَفْظِ: حَاضَتْ صَفِيَّةُ الْحَدِيثَ. وَفِيهِ: أَطَافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ؟ فَقِيلَ: نَعَمْ.
١٣٠ - بَاب إِذَا رَمَى بَعْدَ مَا أَمْسَى أَوْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا
١٧٣٤ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قِيلَ لَهُ فِي الذَّبْحِ وَالْحَلْقِ وَالرَّمْيِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَقَالَ: لَا حَرَجَ.
١٧٣٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُسْأَلُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى فَيَقُولُ: لَا حَرَجَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، قَالَ: اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ، وَقَالَ: رَمَيْتُ بَعْدَمَا أَمْسَيْتُ، فَقَالَ: لَا حَرَجَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا رَمَى بَعْدَ مَا أَمْسَى أَوْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَلَمْ يُبَيِّنِ الْحُكْمَ فِي التَّرْجَمَةِ إِشَارَةً مِنْهُ إِلَى أَنَّ الْحُكْمَ بِرَفْعِ الْحَرَجِ مُقَيَّدٌ بِالْجَاهِلِ أَوِ النَّاسِي فَيُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُهُمَا بِذَلِكَ، أَوْ إِلَى أَنَّ نَفْيَ الْحَرَجِ لَا يَسْتَلْزِمُ رَفْعَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ أَوِ الْكَفَّارَةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا وَقَعَ فِيهَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِلَفْظِ النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ أَيْضًا فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِذَا رَمَى بَعْدَمَا أَمْسَى فَمُنْتَزَعٌ مِنْ