بْنُ النُّذَّرِ بِضَمِّ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْمَفْتُوحَةِ بَعْدَهَا رَاءٌ، وَجَابِرٌ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَرَفَعُوهُ كُلُّهُمْ، وَجَمِيعُهَا عِنْدَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ فِي التَّفْسِيرِ، وَحَدِيثُ عُتْبَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ عِنْدَ الْبَزَّارِ أَيْضًا، وَحَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِوَايَةُ عِكْرِمَةَ فِي مُسْنَدِ الْحُمَيْدِيِّ.
قَوْلُهُ: (سَأَلَنِي يَهُودِيٌّ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، وَالْحِيرَةُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ بَلَدٌ مَعْرُوفٌ بِالْعِرَاقِ.
قَوْلُهُ: (أَيَّ الْأَجَلَيْنِ) أَيِ الْمُشَارِ إِلَيْهِمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ﴾
قَوْلُهُ: (حَبْرِ الْعَرَبِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَبِكَسْرِهَا وَرَجَّحَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَرَجَّحَ ابْنُ قُتَيْبَةَ الْفَتْحَ وَسُكُونَ الْمُوَحَّدَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْعَالِمُ الْمَاهِرُ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِهِ سَعِيدٌ لِكَوْنِهَا مُسْتَعْمَلَةً عِنْدَ الَّذِي خَاطَبَهُ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا أَنَّ جِبْرِيلَ سَمَّاهُ بِذَلِكَ، وَمُرَادُهُ بِالْقُدُومِ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْ بِمَكَّةَ.
قَوْلُهُ: (قَضَى أَكْثَرَهُمَا وَأَطْيَبَهُمَا) كَذَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مَوْقُوفًا، وَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ. وَذَكَرَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي الْمَنْثُورِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ لَمَّا غَزَا الْمَغْرِبَ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، جُرَيْجًا فَكَلَّمَهُ فَقَالَ: مَا يَنْبَغِي لِهَذَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَبْرَ الْعَرَبِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِرَفْعِهِ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سَأَلَ جِبْرِيلَ: أَيَّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ قَالَ: أَتَمَّهُمَا وَأَكْمَلَهُمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَوْفَاهُمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَتَمَّهُمَا وَأَطْيَبَهُمَا عَشْرَ سِنِينَ وَالْمُرَادُ بِالْأَطْيَبِ أَيْ فِي نَفْسِ شُعَيْبٍ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إِذَا قَالَ فَعَلَ) الْمُرَادُ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَنِ اتَّصَفَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُرِدْ شَخْصًا بِعَيْنِهِ. وَفِي رِوَايَةِ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ إِذَا وَعَدَ لَمْ يُخْلِفْ زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنَ الطَّرِيقِ الَّتِي أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ قَالَ سَعِيدٌ: فَلَقِيَنِي الْيَهُودِيُّ فَأَعْلَمْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: صَاحِبُكَ وَاللَّهِ عَالِمٌ وَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ بَيَانُ تَوْكِيدِ الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ، لِأَنَّ مُوسَى ﷺ لَمْ يَجْزِمْ بِوَفَاءِ الْعَشْرِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَوَفَّاهَا فَكَيْفَ لَوْ جَزَمَ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَمَّا رَأَى مُوسَى ﵇ طَمَعَ شُعَيْبٍ ﵇ مُتَعَلِّقًا بِالزِّيَادَةِ لَمْ يَقْتَضِ كَرِيمُ أَخْلَاقِهِ أَنْ يُخَيِّبَ ظَنَّهُ فِيهِ.
٢٩ - بَاب لَا يُسْأَلُ أَهْلُ الشِّرْكِ عَنْ الشَّهَادَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْمِلَلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ؛ لِقَوْلِهِ ﷿: ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ﴾ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ: لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَ ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ﴾ الْآيَةَ.
٢٦٨٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ وَكِتَابُكُمْ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ أَحْدَثُ الْأَخْبَارِ بِاللَّهِ تَقْرَؤونَهُ لَمْ يُشَبْ؟ وَقَدْ حَدَّثَكُمْ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ، بَدَّلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ، وَغَيَّرُوا بِأَيْدِيهِمْ الْكِتَابَ فَقَالُوا: هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴿لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا﴾، أَفَلَا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنْ الْعِلْمِ عَنْ مُسَاءَلَتِهِمْ؟ وَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَنْ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ.
[الحديث ٢٦٨٥ - أطرافه في: ٧٣٦٣، ٧٥٢٢، ٧٥٢٣]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute