حَتَّى يَأْتِيَنِي رِزْقِي، فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ جَهِلَ الْعِلْمَ، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَقَالَ: لَوْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا، فَذَكَرَ أَنَّهَا تَغْدُو وَتَرُوحُ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ قَالَ: وَكَانَ الصَّحَابَةُ يَتَّجِرُونَ وَيَعْمَلُونَ فِي نَخِيلِهِمْ وَالْقُدْوَةُ بِهِمْ. انْتَهَى، وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْجِهَادِ، وَالثَّانِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ) بِمُعْجَمَةٍ وَمُثَلَّثَةٍ مُصَغَّرٌ.
قَوْلُهُ: (مِنْ كُلِّ مَا ضَاقَ عَلَى النَّاسِ) وَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ قَالَ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ الْآيَةَ قَالَ: مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ضَاقَ عَلَى النَّاسِ، وَالرَّبِيعُ الْمَذْكُورُ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، صَحِبَ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَكَانَ يَقُولُ لَهُ: لَوْ رَآكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَأَحَبَّكَ، أَوْرَدَ ذَلِكَ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ، وَحَدِيثُهُ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَالرَّبِيعُ بْنُ مُنْذِرٍ لَمْ يُخَرِّجُوا عَنْهُ، لَكِنْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَلَمْ يَذْكُرَا فِيهِ جَرْحًا، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَأَبُوهُ مُتَّفَقٌ عَلَى تَوْثِيقِهِ وَالتَّخْرِيجِ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ) هُوَ ابْنُ مَنْصُورٍ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ، وَغَلِطَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ وَسَيَأْتِي شَرْحُ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفًا بَعْدَ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ بَابًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٢٢ - بَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ قِيلَ وَقَالَ
٦٤٧٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُغِيرَةُ وَفُلَانٌ، وَرَجُلٌ ثَالِثٌ أَيْضًا عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى الْمُغِيرَةِ أَنْ اكْتُبْ إِلَيَّ بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةُ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ الصَّلَاةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. قَالَ: وَكَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ، وَعُقُوقِ الْأُمَّهَاتِ، وَوَأْدِ الْبَنَاتِ.
وَعَنْ هُشَيْمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ وَرَّادًا يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ قِيلَ وَقَالَ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فِي ذَلِكَ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: جَعَلَ الْقَالَ مَصْدَرًا، كَأَنَّهُ قَالَ: نَهَى عَنْ قِيلَ وَقَوْلٍ تَقُولُ: قُلْتُ قَوْلًا وَقِيلًا وَقَالًا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْإِكْثَارِ بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ مِنَ الْكَلَامِ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الرِّوَايَةَ فِيهِ بِالتَّنْوِينِ، وَقَالَ غَيْرُهُ اسْمَانِ يُقَالُ كَثِيرُ الْقِيلِ وَالْقَالِ، وَفِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ: ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَالُ الْحَقِّ بِضَمِّ اللَّامِ، وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: الْأَشْهَرُ مِنْهُ فَتْحُ اللَّامِ فِيهِمَا عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْقِيلَ وَالْقَالَ إِذَا كَانَا اسْمَيْنِ كَانَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَالْقَوْلِ فَلَا يَكُونُ فِي عَطْفِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَا فِعْلَيْنِ. وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: إِذَا كَانَا اسْمَيْنِ يَكُونُ الثَّانِي تَأْكِيدًا.
وَالْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الْكَثْرَةَ مِنْ ذَلِكَ لَا يُؤْمَنُ مَعَهَا وُقُوعُ الْخَطَأِ، قُلْتُ: وَفِي التَّرْجَمَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ عُمُومِهِ مَا يَكُونُ فِي الْخَبَرِ الْمَحْضِ فَلَا يُكْرَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ حِكَايَةُ أَقَاوِيلِ النَّاسِ،