يُوسُفَ كَالْجَمَاعَةِ ; وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَفَّانَ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (لَا يُفَارِقُ سَوَادَهُ) بِفَتْحِ السِّينِ وَهُوَ الشَّخْصُ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا) أَيِ الْأَقْرَبُ أَجَلًا، وَقِيلَ إِنَّ لَفْظَ الْأَعْجَلِ تَحْرِيفٌ وَإِنَّمَا هُوَ الْأَعْجَزُ، وَهُوَ الَّذِي يَقَعُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَثِيرًا، وَالصَّوَابُ مَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ لِوُضُوحِ مَعْنَاهُ.
قَوْلُهُ: (قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ الْمُصَنِّفُ) سَمِعَ يُوسُفَ (يَعْنِي ابْنَ الْمَاجِشُونِ صَالِحًا) يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الْمَذْكُورَ فِي الْإِسْنَادِ (وَسَمِعَ إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ) وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لِأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الْوَقْتِ هُنَا، وَتَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلُهُ وَبَيَّنْتُ هُنَاكَ سَمَاعَ إِبْرَاهِيمَ مِنْ أَبِيهِ، وَأَمَّا سَمَاعُ يُوسُفَ مِنْ صَالِحٍ فَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَفَّانَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ. وَلَعَلَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الَّذِي أَدْخَلَ بَيْنَ يُوسُفَ، وَصَالِحٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَجُلًا لَمْ يَضْبِطْ، وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ، وَالرَّجُلُ هُوَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يُوسُفُ سَمِعَهُ مِنْ صَالِحٍ وَثَبَّتَهُ فِيهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الْمَغَازِي، وَقَوْلُهُ فِيهِ عَنِ ابْنِ أَفْلَحَ نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ، وَهُوَ عُمَرُ ابْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، وَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ وَكُلُّهُمْ مَدَنِيُّونَ إِلَّا الرَّاوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ نَزَلَهَا، وَقَوْلُهُ فَاسْتَدْبَرْتُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَاسْتَدَرْتُ بِغَيْرِ مُوَحَّدَةٍ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ رَجُلٌ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَلَبُهُ عِنْدِي) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى دُخُولِ مَنْ لَا يُسْهَمُ لَهُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، وَعَنِ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ إِلَّا مَنِ اسْتَحَقَّ السَّهْمَ لِأَنَّهُ قَالَ إِذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ السَّهْمَ فَلَا يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَعُورِضَ بِأَنَّ السَّهْمَ عُلِّقَ عَلَى الْمَظِنَّةِ، وَالسَّلَبُ يُسْتَحَقُّ بِالْفِعْلِ فَهُوَ أَوْلَى، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ فِي كُلِّ حَالٍ حَتَّى قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ: يَسْتَحِقُّهُ وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ مُنْهَزِمًا، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا بِالْمُبَارَزَةِ، وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ إِذَا الْتَقَى الزَّحْفَانِ فَلَا سَلَبَ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ لِلْقَاتِلِ الَّذِي أَثْخَنَهُ بِالْقَتْلِ دُونَ مَنْ ذَهَبَ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قِصَّةِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَعَ أَبِي جَهْلٍ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ السَّلَبَ يَسْتَحِقُّهُ الْقَاتِلُ مِنْ كُلِّ مَقْتُولٍ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ امْرَأَةً، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مَنِ ادَّعَى السَّلَبَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ، وَالْحُجَّةُ فِيهِ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَا يُقْبَلُ، وَسِيَاقُ أَبِي قَتَادَةَ يَشْهَدُ لِذَلِكَ، وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَعْطَاهُ لِأَبِي قَتَادَةَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ.
وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ أَنَّ أَوْسَ بْنَ خَوْلِيٍّ شَهِدَ لِأَبِي قَتَادَةَ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَصِحَّ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَلِمَ أَنَّهُ الْقَاتِلُ بِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ، وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيِّنَةِ هُنَا الَّذِي أَقَرَّ لَهُ أَنَّ السَّلَبَ عِنْدَهُ فَهُوَ شَاهِدٌ، وَالشَّاهِدُ الثَّانِي وُجُودُ السَّلَبِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ عَلَى أَنَّهُ قَتَلَهُ وَلِذَلِكَ جُعِلَ لَوْثًا فِي بَابِ الْقَسَامَةِ، وَقِيلَ إِنَّمَا اسْتَحَقَّهُ أَبُو قَتَادَةَ بِإِقْرَارِ الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ، وَهذا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إِنَّمَا يُفِيدُ إِذَا كَانَ الْمَالُ مَنْسُوبًا لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ، وَالْمَالُ هُنَا مَنْسُوبٌ لِجَمِيعِ الْجَيْشِ. وَنَقَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا شَاهِدٌ وَاحِدٌ يُكْتَفَى بِهِ.
١٩ - بَاب مَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ وَغَيْرَهُمْ مِنْ الْخُمُسِ وَنَحْوِهِ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ
٣١٤٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute