التَّعَالِيقِ، وَعُكِسَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَسَيَأْتِي شَرْحُ الْحَدِيثِ الْمَوْصُولِ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ: ﴿سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى﴾ يَعْنِي أَنَّهُ وَافَقَ حَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الْأَعْمَشِ بِإِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ) أَيْ أَنَّهُ جَزَمَ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ حَفْصٍ فَإِنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ أَرَاهُ قَالَ فَذَكَرَهُ. وَرِوَايَةُ أَبِي أُسَامَةَ هَذِهِ وَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي قِصَّةِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ جَرِيرٌ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ: (سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى) يَعْنِي أَنَّهُمْ رَوَوْهُ عَنِ الْأَعْمَشِ بِإِسْنَادِهِ هَذَا وَمَتْنِهِ لَكِنَّهُمْ خَالَفُوا فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ، فَأَمَّا رِوَايَةُ جَرِيرٍ فَوَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الرِّقَاقِ كَمَا قَالَ، وَأَمَّا رِوَايَةُ عِيسَى بْنِ يُونُسَ فَوَصَلَهَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ عَنْهُ كَذَلِكَ، وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي مُعَاوِيَةَ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهَا، فَرَوَاهَا بِلَفْظِ سَكْرَى أَبُو بَكْرٍ بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ، وَقَدْ أَخْرَجَهَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَالنَّسَائِيِّ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ فَقَالَا فِي رِوَايَتِهِمَا: ﴿سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى﴾ وَكَذَا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَأَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْهُ مَقْرُونَةً بِرِوَايَةِ وَكِيعٍ وَأَحَالَ بِهِمَا عَلَى رِوَايَةِ جَرِيرٍ، وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَاضِرٍ، وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْمَسْعُودِيِّ كِلَاهُمَا عَنِ الْأَعْمَشِ بِلَفْظِ سَكْرَى وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَجْمَعَ الْقُرَّاءُ عَلَى ﴿سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى﴾ ثُمَّ رُوِيَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ (سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى) قَالَ: وَهُوَ جَيِّدٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ انْتَهَى. وَنَقْلَهُ الْإِجْمَاعُ عَجَبٌ، مَعَ أَنَّ أَصْحَابَهُ الْكُوفِيِّينَ يَحْيَى بْنَ وَثَّابٍ، وَحَمْزَةَ، وَالْأَعْمَشَ، وَالْكِسَائِيَّ قَرَءُوا وبِمِثْلِ مَا نُقِلَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَنَقَلَهَا أَبُو عُبَيْدٍ أَيْضًا عَنْ حُذَيْفَةَ، وَأَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو وَاخْتَارَهَا أَبُو عُبَيْدٍ، وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي سَكْرَى هَلْ هِيَ صِيغَةُ جَمْعٍ عَلَى فَعْلَى مِثْلُ مَرْضَى أَوْ صِيغَةُ مُفْرَدٍ فَاسْتُغْنِيَ بِهَا عَنْ وَصْفِ الْجَمَاعَةِ.
٢ - بَاب ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ شَكٍّ ﴿فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ﴾ أَتْرَفْنَاهُمْ: وَسَّعْنَاهُمْ.
٤٧٤٢ - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ الْمَدِينَةَ، فَإِنْ وَلَدَتْ امْرَأَتُهُ غُلَامًا وَنُتِجَتْ خَيْلُهُ، قَالَ: هَذَا دِينٌ صَالِحٌ، وَإِنْ لَمْ تَلِدْ امْرَأَتُهُ وَلَمْ تُنْتَجْ خَيْلُهُ قَالَ: هَذَا دِينُ سُوءٍ.
قَوْلُهُ: (بَابُ ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ شَكٍّ) سَقَطَ لَفْظُ شَكٍّ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ: حَرْفٌ وَهُوَ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِهِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّ شَاكٍّ فِي شَيْءٍ فَهُوَ عَلَى حَرْفٍ لَا يَثْبُتُ وَلَا يَدُومُ، وَزَادَ غَيْرُ أَبِي ذَرٍّ بَعْدَ حَرْفٍ ﴿فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ﴾
قَوْلُهُ: (أَتْرَفْنَاهُمْ وَسَّعْنَاهُمْ) كَذَا وَقَعَ هُنَا عِنْدَهُمْ، وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ مِنَ السُّورَةِ الَّتِي تَلِيهَا وَهُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ مَجَازُهُ وَسَّعْنَا عَلَيْهِمْ، وَأُتْرِفُوا بَغَوْا وَكَفَرُوا.
قَوْلُهُ: (يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ) هُوَ الْكَرْمَانِيُّ، وَهُوَ غَيْرُ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ الْمِصْرِيِّ