بِلَفْظِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي قَبْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ بِلَفْظِ الْغَيْبَةِ. وَفِي الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ تَعْظِيمُ أَمْرِ الرَّحِمِ، وَأَنَّ صِلَتَهَا مَنْدُوبٌ مُرَغَّبٌ فِيهِ وَأَنَّ قَطْعَهَا مِنَ الْكَبَائِرِ لِوُرُودِ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِيهِ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْأَسْمَاءَ تَوْقِيفِيَّةٌ، وَعَلَى رُجْحَانِ الْقَوْلِ الصَّائِرِ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ أَسْمَاءَ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنَ الذَّوَاتِ أَوْ مِنَ الصِّفَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
١٤ - بَاب تُبَلُّ الرَّحِمُ بِبَلَالِهَا
٥٩٩٠ - حَدَّثَني عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ جِهَارًا غَيْرَ سِرٍّ - يَقُولُ: إِنَّ آلَ أَبِي - قَالَ عَمْرٌو فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ: بَيَاضٌ - لَيْسُوا بِأَوْلِيَائِي، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ زَادَ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ: وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أَبُلُّهَا بِبَلَاهَا، يَعْنِي أَصِلُهَا بِصِلَتِهَا.
قَوْلُهُ: (بَابٌ) هُوَ بِالتَّنْوِينِ (تُبَلُّ الرَّحِمُ بِبَلَالِهَا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِالْمُثَنَّاةِ، وَيَجُوزُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ بِالتَّحْتَانِيَّةِ، وَالْمُرَادُ الْمُكَلَّفُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي) لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ حَدَّثَنَا وَعَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُهْمَلَةِ هُوَ أَبُو عُثْمَانُ الْبَاهِلِيُّ الْبَصْرِيُّ وَيُقَالُ لَهُ: الْأَهْوَازِيُّ، أَصْلُهُ مِنْ إِحْدَاهُمَا وَسَكَنَ الْأُخْرَى، وَهُوَ مِنَ الطَّبَقَةِ الْوُسْطَى مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ، وَانْفَرَدَ بِهِ عَنِ السِّتَّةِ. وَحَدِيثُ الْبَابِ قَدْ حَدَّثَ بِهِ أَحْمَدُ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، لَكِنْ نَاسَبَ تَخْرِيجُهُ عَنْهُ كَوْنَ صَحَابِيِّهِ سَمِيَّة وَهُوَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ شَيْخُهُ هُوَ غُنْدَرٌ وَهُوَ بَصْرِيٌّ، وَلَمْ أَرَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ أَصْحَابِ شُعْبَةَ إِلَّا عِنْدَهُ، إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجَدِيِّ، عَنْ شُعْبَةَ، وَوَهْبِ بْنِ حَفْصٍ كَذَّبُوهُ.
قَوْلُهُ: (أنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ) عِنْدَ مُسْلِمٍ، عَنْ أَحْمَدَ وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ كِلَاهُمَا عَنْ غُنْدَرٍ بِلَفْظٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَيَانِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ قَيْسٍ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى الطَّرِيقِ الْمُعَلَّقَةِ، وَلَيْسَ لِقَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلِعَمْرٍو فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثَانِ آخَرَانِ حَدِيثُ أَيُّ الرِّجَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ وَقَدْ مَضَى فِي الْمَنَاقِبِ، وَحَدِيثُ إِذَا اجْتَهَدَو الْحَاكِمُ وَسَيَأْتِي فِي الِاعْتِصَامِ، وَلَهُ آخَرُ مُعَلَّقٌ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مَضَى فِي الْمَبْعَثِ النَّبَوِيِّ، وَآخَرُ مَضَى فِي التَّيَمُّمِ، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ حَدِيثٌ آخَرُ فِي السَّحُورِ، وَهَذَا جَمِيعُ مَا لَهُ عِنْدَهُمَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ.
قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ جِهَارًا) يَحْتَمِلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْمَفْعُولِ أَيْ كَانَ الْمَسْمُوعُ فِي حَالَةِ الْجَهْرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْفَاعِلِ أَيْ أَقُولُ ذَلِكَ جِهَارًا، وَقَوْلُهُ: غَيْرَ سِرٍّ تَأْكِيدٌ لِذَلِكَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ جَهَرَ بِهِ مَرَّةً وَأَخْفَاهُ أُخْرَى، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ خُفْيَةً بَلْ جَهَرَ بِهِ وَأَشَاعَهُ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ آلَ أَبِي) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِحَذْفِ مَا يُضَافُ إِلَى أَدَاةِ الْكُنْيَةِ، وَأَثْبَتَهُ الْمُسْتَمْلِي فِي رِوَايَتِهِ لَكِنْ كَنَّى عَنْهُ فَقَالَ: آلَ أَبِي فُلَانٍ وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَتَيْ مُسْلِمٍ، وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي أَصْلِ مُسْلِمٍ مَوْضِعَ فُلَانٍ بَيَاضٌ ثُمَّ كَتَبَ بَعْضُ النَّاسِ فِيهِ فُلَانٌ عَلَى سَبِيلِ الْإِصْلَاحِ، وَفُلَانٌ كِنَايَةٌ عَنِ اسْمِ عَلَمٍ، وَلِهَذَا وَقَعَ لِبَعْضِ رُوَاتِهِ أنَّ آلَ أَبِي يَعْنِي فُلَان وَلِبَعْضِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute