للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أنَّ آلَ أَبِي فُلَانٍ بِالْجَزْمِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ عَمْرٌو) هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ) أَيْ غُنْدَرٌ شَيْخُ عَمْرٍو فِيهِ.

قَوْلُهُ: (بَيَاضٌ) قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي كِتَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ: إِنَّ الصَّوَابَ فِي ضَبْطِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ بِالرَّفْعِ، أَيْ وَقَعَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ مَوْضِعٌ أَبْيَضُ يَعْنِي بِغَيْرِ كِتَابَةٍ، وَفَهِمَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ الِاسْمُ الْمُكَنَّى عَنْهُ فِي الرِّوَايَةِ فَقَرَأَهُ بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ أنَّ آلَ أَبِي بَيَاضٍ، وَهُوَ فَهْمٌ سَيِّئٌ مِمَّنْ فَهِمَهُ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ فِي الْعَرَبِ قَبِيلَةٌ يُقَالُ لَهَا آلُ أَبِي بَيَاضٍ، فَضْلًا عَنْ قُرَيْشٍ، وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُمْ مِنْ قَبِيلَةِ النَّبِيِّ ﷺ وَهِيَ قُرَيْشٌ، بَلْ فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُمْ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ: إِنَّ لَهُمْ رَحِمًا وَأَبْعَدَ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى بَنِي بَيَاضَةَ وَهُمْ بَطْنٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّغْيِيرِ أَوِ التَّرْخِيمِ عَلَى رَأْيٍ، وَلَا يُنَاسِبُ السِّيَاقَ أَيْضًا. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: حُذِفَتِ التَّسْمِيَةُ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَبْنَائِهِمْ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هَذِهِ الْكِنَايَةُ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ، خَشِيَ أَنْ يُصَرِّحَ بِالِاسْمِ فَيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَفْسَدَةٌ إِمَّا فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَإِمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَإِمَّا مَعًا. وَقَالَ عِيَاضٌ: إِنَّ الْمَكْنِيَّ عَنْهُ هُنَا هُوَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ. وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: كَذَا وَقَعَ مُبْهَمًا فِي السِّيَاقِ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ وَلَا يَسْتَقِيمُ مَعَ قَوْلِهِ آلَ أَبِي، فَلَوْ كَانَ آلَ بَنِي لَأَمْكَنَ، وَلَا يَصِحُّ تَقْدِيرُ آلِ أَبِي الْعَاصِ لِأَنَّهُمْ أَخَصُّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَالْعَامُّ لَا يُفَسَّرُ بِالْخَاصِّ.

قُلْتُ: لَعَلَّ مُرَادَ الْقَائِلِ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْعَامَّ وَأَرَادَ الْخَاصَّ، وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ حَفْصٍ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا أَنَّ آلَ بَنِي لَكِنْ وَهْبٌ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ الدِّمْيَاطِيُّ فِي حَوَاشِيهِ بِأَنَّهُ آلُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: إِنَّهُ رَأَى فِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي هَذَا شَيْئًا يُرَاجَعُ مِنْهُ. قُلْتُ: قَالَ أَبُوُ بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي سِرَاجِ الْمُرِيدِينَ: كَانَ فِي أَصْلِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ إنَّ آلَ أَبِي طَالِبٍ فَغَيَّرَ آلَ أَبِي فُلَانٍ كَذَا جَزَمَ بِهِ، وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُ النَّاسِ وَبَالَغَ فِي التَّشْنِيعِ وَنَسَبَهُ إِلَى التَّحَامُلِ عَلَى آلِ أَبِي طَالِبٍ، وَلَمْ يُصِبْ هَذَا الْمُنْكِرُ فَإِنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا ابْنُ الْعَرَبِيِّ مَوْجُودَةٌ فِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ الْفَضْلِ بْنِ الْمُوَفَّقِ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بِسَنَدِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ بَيَانِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَفَعَهُ إِنَّ لِبَنِي أَبِي طَالِبٍ رَحِمًا أَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا لَكِنْ أَبْهَمَ لَفْظَ طَالِبٍ، وَكَأَنَّ الْحَامِلَ لِمَنْ أَبْهَمَ هَذَا الْمَوْضِعَ ظَنُّهُمْ أَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي نَقْصًا فِي آلِ أَبِي طَالِبٍ ; وَلَيْسَ كَمَا تَوَهَّمُوهُ كَمَا سَأُوَضِّحُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -.

قَوْلُهُ: (لَيْسُوا بِأَوْلِيَائِي) كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ بِأَوْلِيَاءَ فَنَقَلَ ابْنُ التِّينِ، عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا النَّفْيِ مَنْ لَمْ يُسْلِمْ مِنْهُمْ، أَيْ فَهُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الْكُلِّ وَإِرَادَةِ الْبَعْضِ، وَالْمَنْفِيُّ عَلَى هَذَا الْمَجْمُوعُ لَا الْجَمِيعُ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْوِلَايَةُ الْمَنْفِيَّةُ وِلَايَةُ الْقُرْبِ وَالِاخْتِصَاصِ لَا وِلَايَةُ الدِّينِ، وَرَجَّحَ ابْنُ التِّينِ الْأَوَّلَ وَهُوَ الرَّاجِحُ، فَإِنَّ مِنْ جُمْلَةِ آلِ أَبِي طَالِبٍ عَلِيًّا، وَجَعْفَرًا أو هُمَا مِنْ أَخَصِّ النَّاسِ بِالنَّبِيِّ ﷺ لِمَا لَهُمَا مِنَ السَّابِقَةِ وَالْقِدَمِ فِي الْإِسْلَامِ وَنَصْرِ الدِّينِ، وَقَدِ اسْتَشْكَلَ بَعْضُ النَّاسِ صِحَّةَ هَذَا الْحَدِيثِ لِمَا نُسِبَ إِلَى بَعْضِ رُوَاتِهِ مِنَ النَّصْبِ وَهُوَ الِانْحِرَافُ عَنْ عَلِيٍّ وَآلِ بَيْتِهِ، قُلْتُ: أَمَّا قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ فَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ تَكَلَّمَ أَصْحَابُنَا فِي قَيْسٍ فَمِنْهُمْ مَنْ رَفَعَ قَدْرَهُ وَعَظَّمَهُ وَجَعَلَ الْحَدِيثَ عَنْهُ مِنْ أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ حَتَّى قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: هُوَ أَوْثَقُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ عَلَيْهِ وَقَالَ: لَهُ أَحَادِيثُ مَنَاكِيرُ، وَأَجَابَ مَنْ أَطْرَاهُ بِأَنَّهَا غَرَائِبُ وَإِفْرَادُهُ لَا يَقْدَحُ فِيهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ عَلَيْهِ فِي مَذْهَبِهِ وَقَالَ: كَانَ يَحْمِلُ عَلَى عَلِيٍّ وَلِذَلِكَ تَجَنَّبَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنْ قُدَمَاءِ الْكُوفِيِّينَ، وَأَجَابَ مَنْ أَطْرَاهُ بِأَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ فقط.

قُلْتُ: وَالْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ ثِقَةٌ ثَبْتٌ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ