يُخْدَعُ.
قَوْلُهُ (وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَدَّ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ قَبْلَ النَّهْيِ ثُمَّ نَهَاهُ) قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: مُرَادُهُ قِصَّةُ الَّذِي دَبَّرَ عَبْدَهُ فَبَاعَهُ النَّبِيُّ ﷺ، وَكَذَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ ابْنُ بَطَّالٍ وَمَنْ بَعْدَهُ حَتَّى جَعَلَهُ مُغَلْطَايْ حُجَّةً فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ حَيْثُ قَرَّرَ أَنَّ الَّذِي يَذْكُرُهُ الْبُخَارِيُّ بِغَيْرِ صِيغَةِ الْجَزْمِ لَا يَكُونُ حَاكِمًا بِصِحَّتِهِ فَقَالَ مُغَلْطَايْ: قَدْ ذَكَرَهُ بِغَيْرِ صِيغَةِ الْجَزْمِ هُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ عِنْدَهُ، وَتَعَقَّبَهُ شَيْخُنَا فِي النُّكَتِ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ بِأَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يُرِدْ بِهَذَا التَّعْلِيقِ قِصَّةَ الْمُدَبَّرِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ قِصَّةَ الرَّجُلِ الَّذِي دَخَلَ وَالنَّبِيُّ ﷺ يَخْطُبُ فَأَمَرَهُمْ فَتَصَدَّقُوا عَلَيْهِ فَجَاءَ فِي الثَّانِيَةِ فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِأَحَدِ ثَوْبَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ، قَالَ: وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ.
قُلْتُ: لَكِنْ لَيْسَ هُوَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَإِنَّمَا هُوَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَلَيْسَ بِضَعِيفٍ بَلْ هُوَ إِمَّا صَحِيحٌ وَإِمَّا حَسَنٌ، أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدْ بَسَطْتُ ذَلِكَ فِيمَا كَتَبْتُهُ عَلَى ابْنِ الصَّلَاحِ، وَالَّذِي ظَهَرَ لِي أَوَّلًا أَنَّهُ أَرَادَ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ الرَّجُلِ الَّذِي جَاءَ بِبَيْضَةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَصَابَهَا فِي مَعْدِنٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ خُذْهَا مِنِّي صَدَقَةً فَوَاللَّهِ مَا لِي مَالٌ غَيْرَهَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَأَعَادَ فَحَذَفَهُ بِهَا، ثُمَّ قَالَ: يَأْتِي أَحَدُكُمْ بِمَالِهِ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ ثُمَّ يَقْعُدُ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَكَفَّفُ النَّاسَ، إِنَّمَا الصَّدَقَةُ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ. ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ إِنَّمَا أَرَادَ قِصَّةَ الْمُدَبَّرِ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْزِمْ بِهِ لِأَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ وَهُوَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: أَلَكَ مَالٌ غَيْرُهُ؟ فَقَالَ: لَا. الْحَدِيثَ وَفِيهِ: ثُمَّ قَالَ: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ الْحَدِيثَ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَفَرَّدَ بِهَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَالْبُخَارِيُّ لَا يَجْزِمُ غَالِبًا إِلَّا بِمَا كَانَ عَلَى شَرْطِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مَالِكٌ إِلَخْ) هَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْهُ، وَأَخَذَ مَالِكٌ ذَلِكَ مِنْ قِصَّةِ الْمُدَبَّرِ كَمَا تَرَى.
٣ - باب مَنْ بَاعَ عَلَى الضَّعِيفِ وَنَحْوِهِ فَدَفَعَ ثَمَنَهُ إِلَيْهِ وَأَمَرَهُ بِالْإِصْلَاحِ وَالْقِيَامِ بِشَأْنِهِ فَإِنْ أَفْسَدَ بَعْدُ مَنَعَهُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَقَالَ لِلَّذِي يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ: إِذَا بِعْتَ فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ، وَلَمْ يَأْخُذْ النَّبِيُّ ﷺ مَالَهُ
٢٤١٤ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ ﵄ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ، فَكَانَ يَقُولُهُ.
٢٤١٥ - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ ﵁ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَرَدَّهُ النَّبِيُّ ﷺ، فَابْتَاعَهُ مِنْهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ بَاعَ عَلَى الضَّعِيفِ وَنَحْوِهِ فَدَفَعَ ثَمَنَهُ إِلَيْهِ وَأَمَرَهُ بِالْإِصْلَاحِ إِلَخْ) هَكَذَا لِلْجَمِيعِ، وَلِأَبِي ذَرٍّ هُنَا بَابُ مَنْ بَاعَ إِلَخْ وَالْأَوَّلُ أَلْيَقُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ مَا ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنَ التَّصَرُّفِ إِلَّا بَعْدَ ظُهُورِ الْإِفْسَادِ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ قَبْلَ بَابَيْنِ.
وَحَدِيثُ الَّذِي يُخْدَعُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute