عَلَى النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ يُخْلِصُ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ وَلَا يَقْرَأُ إِلَّا فِي الْأُولَى. إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
قَوْلُهُ: (عَنْ سَعْدٍ) هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، وَطَلْحَةُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ الْخُزَاعِيُّ كَمَا نُسَمِّيهِمَا فِي الْإِسْنَادِ الثَّانِي.
(تَنْبِيهٌ): لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بَيَانُ مَحَلِّ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ، أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ بِلَفْظِ: وَقَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى. أَفَادَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَقَالَ: إِنَّ سَنَدَهُ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: (لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ) قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: جَمَعَ الْبُخَارِيُّ بَيْنَ رِوَايَتَيْ شُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ، وَسِيَاقُهُمَا مُخْتَلِفٌ اهـ. فَأَمَّا رِوَايَةُ شُعْبَةَ فَقَدْ أَخْرَجَهَا ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالنَّسَائِيُّ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ: فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: نَعَمْ يَا ابْنَ أَخِي، إِنَّهُ حَقٌّ وَسُنَّةٌ. وَلِلْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ آدَمَ، عَنْ شُعْبَةَ فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ: يَقْرَأُ؟ قالَ: نَعَمْ، إِنَّهُ حَقٌّ وَسُنَّةٌ. وَأَمَّا رِوَايَةُ سُفْيَانَ فَأَخْرَجَهَا التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْهُ بِلَفْظِ: فَقَالَ: إِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ، أَوْ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِلَفْظِ: فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، وَجَهَرَ حَتَّى أَسْمَعَنَا، فَلَمَّا فَرَغَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: سُنَّةٌ وَحَقٌّ. وَلِلْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَجْلَانَ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ يَقُولُ: صَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى جِنَازَةٍ فَجَهَرَ بِالْحَمْدِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا جَهَرْتُ لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ.
وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ: سُنَّةٌ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ، كَذَا نُقِلَ الْإِجْمَاعُ، مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَعِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ شَهِيرٌ، وَعَلَى الْحَاكِمِ فِيهِ مَأْخَذٌ آخَرُ، وَهُوَ اسْتِدْرَاكُهُ لَهُ وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَقَالَ: لَا يَصِحُّ هَذَا، وَالصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: مِنَ السُّنَّةِ وَهَذَا مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْفَرْقَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّرَاحَةِ وَالِاحْتِمَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَرَوَى الْحَاكِمُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ بِالْأَبْوَاءِ فَكَبَّرَ، ثُمَّ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ رَافِعًا صَوْتَهُ، ثُمَّ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ أَصْبَحَ فَقِيرًا إِلَى رَحْمَتِكَ، وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ، إِنْ كَانَ زَاكِيًا فَزَكِّهِ، وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا فَاغْفِرْ لَهُ. اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ. ثُمَّ كَبَّرَ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ انْصَرَفَ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي لَمْ أَقْرَأْ عَلَيْهَا - أَيْ جَهْرًا - إِلَّا لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ. قَالَ الْحَاكِمُ: شُرَحْبِيلُ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَإِنَّمَا أَخْرَجْتُهُ لِأَنَّهُ مُفَسِّرٌ لِلطُّرُقِ الْمُتَقَدِّمَةِ. انْتَهَى.
وَشُرَحْبِيلُ مُخْتَلَفٌ فِي تَوْثِيقِهِ، وَاسْتَدَلَّ الطَّحَاوِيُّ عَلَى تَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَى بِتَرْكِهَا فِي بَاقِي التَّكْبِيرَاتِ وَبِتَرْكِ التَّشَهُّدِ، قَالَ: وَلَعَلَّ قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ مِنَ الصَّحَابَةِ كَانَ عَلَى وَجْهِ الدُّعَاءِ لَا عَلَى وَجْهِ التِّلَاوَةِ. وَقَوْلُهُ: أَنَّهَا سُنَّةٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الدُّعَاءَ سُنَّةٌ. انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى مَا يَجِيءُ عَلَى كَلَامِهِ مِنَ التَّعَقُّبِ، وَمَا يَتَضَمَّنُهُ اسْتِدْلَالُهُ مِنَ التَّعَسُّفِ.
٦٦ - بَاب الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَمَا يُدْفَنُ
١٣٣٦ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ مَرَّ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ، فَأَمَّهُمْ، وَصَلَّوْا خَلْفَهُ. قُلْتُ: مَنْ حَدَّثَكَ هَذَا يَا أَبَا عَمْرٍو؟ قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄.
١٣٣٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute