للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْأَجْدَاثِ: الْأَجْدَاثُ الْقُبُورُ) أَيِ: الْمُرَادُ بِالْأَجْدَاثِ فِي الْآيَةِ الْقُبُورُ. وَقَدْ وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، وَالسُّدِّيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَاحِدُهَا: جَدَثٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمُهْمَلَةِ.

قَوْلُهُ: (بُعْثِرَتْ: أُثِيرَتْ. بَعْثَرْتُ حَوْضِي: جَعَلْتُ أَسْفَلَهُ أَعْلَاهُ) هَذَا كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الْمَجَازِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: بُعْثِرَتْ أَيْ: حُرِّكَتْ، فَخَرَجَ مَا فِيهَا. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

قَوْلُهُ: (الْإِيفَاضُ) بِيَاءٍ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ قَبْلَهَا كَسْرَةٌ وَبِفَاءٍ وَمُعْجَمَةٍ (الْإِسْرَاعُ) كَذَا قَالَ الْفَرَّاءُ فِي الْمَعَانِي. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يُوفِضُونَ أَيْ: يُسْرِعُونَ.

قَوْلُهُ: (وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ: إِلَى نَصْبٍ) يَعْنِي بِفَتْحِ النُّونِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ بِالضَّمِّ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَكَذَا ضَبَطَهُ الْفَرَّاءُ، عَنِ الْأَعْمَشِ فِي كِتَابِ الْمَعَانِي وَهِيَ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ. وَحَكَى الطَّبَرَانِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْهُ بِالضَّمِّ إِلَّا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. وَقَدْ حَكَى الْفَرَّاءُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ذَلِكَ، وَنَقَلَهَا غَيْرُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَأَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ. وَفِي كِتَابِ السَّبْعَةِ لِابْنِ مُجَاهِدٍ: قَرَأَهَا ابْنُ عَامِرٍ بِضَمَّتَيْنِ، يَعْنِي بِلَفْظِ الْجَمْعِ. وَكَذَا قَرَأَهَا حَفْصٌ، عَنْ عَاصِمٍ. وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ سَبَبُ تَخْصِيصِ الْأَعْمَشِ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ كُوفِيٌّ، وَكَذَا عَاصِمٌ فَفِي انْفِرَادِ حَفْصٍ، عَنْ عَاصِمٍ بِالضَّمِّ شُذُوذٌ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: النَّصْبُ بِالْفَتْحِ هُوَ الْعَلَمُ الَّذِي نَصَبُوهُ لِيَعْبُدُوهُ، وَمَنْ قَرَأَ: نُصُبٍ، بِالضَّمِّ فَهِيَ جَمَاعَةٌ مِثْلُ رَهْنٍ وَرُهُنٍ.

قَوْلُهُ: (يُوفِضُونَ إِلَى شَيْءٍ مَنْصُوبٍ: يَسْتَبِقُونَ) قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قُرَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ﴾ أَيْ: يَبْتَدِرُونَ أَيُّهُمْ يَسْتَلِمُهُ أَوَّلَ.

قَوْلُهُ: (وَالنَّصْبُ وَاحِدٌ، وَالنُّصُبُ مَصْدَرٌ) كَذَا وَقَعَ فِيهِ، وَالَّذِي فِي الْمَعَانِي لِلْفَرَّاءِ النَّصْبُ وَالنُّصُبُ وَاحِدٌ وَهُوَ مَصْدَرٌ وَالْجَمْعُ الْأَنْصَابُ. وَكَأَنَّ التَّغْيِيرَ مِنْ بَعْضِ النَّقْلَةِ.

قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْخُرُوجِ مِنْ قُبُورِهِمْ) أَيْ: خُرُوجُ أَهْلِ الْقُبُورِ مِنْ قُبُورِهِمْ.

قَوْلُهُ: (وَيَنْسِلُونَ: يَخْرُجُونَ) كَذَا أَوْرَدَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَغَيْرُهُ عَنْ قَتَادَةَ، وَسَيَأْتِي لَهُ مَعْنًى آخَرَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ بَعْدَ قَوْلِهِ: (يَخْرُجُونَ): مِنَ النَّسَلَانِ. وَهَذِهِ التَّفَاسِيرُ أَوْرَدَهَا لِتَعَلُّقِهَا بِذِكْرِ الْقَبْرِ اسْتِطْرَادًا، وَلَهَا تَعَلُّقٌ بِالْمَوْعِظَةِ أَيْضًا. قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: مُنَاسَبَةُ إِيرَادِ هَذِهِ الْآيَاتِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ؛ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِمَنْ قَعَدَ عِنْدَ الْقَبْرِ أَنْ يَقْصُرَ كَلَامَهُ عَلَى الْإِنْذَارِ بِقُرْبِ الْمَصِيرِ إِلَى الْقُبُورِ، ثُمَّ إِلَى النَّشْرِ لِاسْتِيفَاءِ الْعَمَلِ.

ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَرْفُوعًا: مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. الْحَدِيثَ. وَسَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي تَفْسِيرِ: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾ وَهُوَ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي إِثْبَاتِ الْقَدَرِ. وَقَوْلُهُ فِيهِ: اعْمَلُوا جَرَى مَجْرَى أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ، أَيِ: الْزَمُوا مَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ، وَلَا تَتَصَرَّفُوا فِي أَمْرِ الرُّبُوبِيَّةِ. وَعُثْمَانُ شَيْخُهُ هُوَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَجَرِيرٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ. وَمَوْضِعُ الْحَاجَةِ مِنْهُ: فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ. وَقَوْلُهُ: فَقَالَ رَجُلٌ هُوَ عُمَرُ أَوْ غَيْرُهُ، كَمَا سَيَأْتِي، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

٨٣ - بَاب مَا جَاءَ فِي قَاتِلِ النَّفْسِ

١٣٦٣ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ ، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ.

[الحديث ١٣٦٣ - أطرافه في: ٤١٧١، ٤٨٤٣، ٦٠٤٧، ٦٦٥٢]

١٣٦٤ - وَقَالَ حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ الْحَسَنِ "حَدَّثَنَا جُنْدَبٌ فِي هَذَا