الَّذِينَ صَدَرَ مِنْهُمُ الْفِعْلُ كَانَ عنْ غَيْرِ عِلْمٍ، بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَهُمْ شَرْعًا مُقَرَّرًا، فَوَرَدَ النَّسْخُ عَلَيْهِ، فَيَقَعُ الْفَرْقُ. انْتَهَى.
وَلَيْسَ فِي التَّرْجَمَةِ تَصْرِيحٌ بِجَوَازٍ وَلَا بُطْلَانٍ. وَكَأَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لِاشْتِبَاهِ الْأَمْرِ فِيهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِ حَدِيثِ الْبَابِ فِي أَوَاخِرِ صِفَةِ الصَّلَاةِ. وَقَوْلُهُ فِي هَذَا السِّيَاقِ: وَسَمَّى نَاسًا بِأَعْيَانِهِمْ، يُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ فِي السِّيَاقِ الْمُتَقَدِّمِ: السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ، السَّلَامُ عَلَى مِيكَائِيلَ إِلَخْ. وَقَوْلُهُ: يُسَلِّمُ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ، ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
٥ - بَاب التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ
١٢٠٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ، وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ.
١٢٠٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ﵁، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: التَّسْبِيحُ للرِّجَالِ وَالتَّصْفِيق لِلنِّسَاءِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ التَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ قَبْلَ بَابٍ. وَسُفْيَانُ فِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَفِي الثَّانِي هُوَ الثَّوْرِيُّ، وَيَحْيَى شَيْخُ الْبُخَارِيِّ هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ، وَكَأَنَّ مَنْعَ النِّسَاءِ مِنَ التَّسْبِيحِ، لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِخَفْضِ صَوْتِهَا فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا لِمَا يُخْشَى مِنَ الِافْتِتَانِ. وَمُنِعَ الرِّجَالُ مِنَ التَّصْفِيقِ لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ، وَعَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فِي قَوْلِهِ: التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ؛ أَيْ هُوَ مِنْ شَأْنِهِنَّ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ عَلَى جِهَةِ الذَّمِّ لَهُ، وَلَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ فِي الصَّلَاةِ لِرَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ، وَتُعُقِّبَ بِرِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ فِي الْأَحْكَامِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ: فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ وَلْيُصَفِّقِ النِّسَاءُ. فَهَذَا نَصٌّ يَدْفَعُ مَا تَأَوَّلَهُ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْقَوْلُ بِمَشْرُوعِيَّةِ التَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ هُوَ الصَّحِيحُ خَبَرًا وَنَظَرًا.
٦ - بَاب مَنْ رَجَعَ الْقَهْقَرَى فِي صَلَاتِهِ أَوْ تَقَدَّمَ بِأَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ
رَوَاهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ
١٢٠٥ - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ يُونُسُ: قَالَ الزُّهْرِيُّ:، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ فِي الْفَجْرِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ ﵁ يُصَلِّي بِهِمْ فَفَجأهُمْ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ ﵂، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ صُفُوفٌ فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلَاتِهِمْ فَرَحًا بِالنَّبِيِّ ﷺ حِينَ رَأَوْهُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ أَتِمُّوا، ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ وَأَرْخَى السِّتْرَ وَتُوُفِّيَ ذَلِكَ الْيَوْمَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ رَجَعَ الْقَهْقَرَى فِي الصَّلَاةِ، أَوْ تَقَدَّمَ بِأَمْرٍ يَنْزِلُ بِهِ، رَوَاهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى حَدِيثِهِ الْمَاضِي قَرِيبًا فَفِيهِ: فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى. وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوْ تَقَدَّمَ، فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْحَدِيثِ أَيْضًا، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَقَفَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ عَلَى إِرَادَةِ الِائْتِمَامِ بِهِ، فَامْتَنَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute