أَشْجَارَهُ بِالسَّقْيِ، وَسَيَأْتِي بَعْدَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ وَهُوَ يُحَوِّلُ فِي حَائِطٍ لَهُ يَعْنِي الْمَاءَ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ يُحَوِّلُ الْمَاءَ فِي الْحَائِطِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ مِنْهُ تَحْوِيلُ الْمَاءِ مِنَ الْبِئْرِ مَثَلًا إِلَى أَعْلَاهَا ثُمَّ حَوَّلَهُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ.
قَوْلُهُ: (إِلَى الْعَرِيشِ) هُوَ خَيْمَةٌ مِنْ خَشَبٍ، وَثُمَامٍ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ مُخَفَّفًا، وَهُوَ نَبَاتٌ ضَعِيفٌ لَهُ خَوَاصٌّ، وَقَدْ يُجْعَلُ مِنَ الْجَرِيدِ كَالْقُبَّةِ أَوْ مِنَ الْعِيدَانِ وَيُظَلَّلُ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (فَسَكَبَ فِي قَدَحٍ) فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ: نسَكَبَ مَاءً فِي قَدَحٍ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ حَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ دَاجِنٍ لَهُ) فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ، وَابْنِ مَاجَهْ فَحَلَبَ لَهُ شَاةً ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ مَاءً بَاتَ فِي شَنٍّ، وَالدَّاجِنُ بِجِيمٍ وَنُونٍ: الشَّاةُ الَّتِي تَأْلَفُ الْبُيُوتَ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ شَرِبَ الرَّجُلُ) فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَشَرِبَ النَّبِيُّ ﷺ وَسَقَى صَاحِبَهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الرَّجُلَ شَرِبَ فَضْلَةَ النَّبِيِّ ﷺ، لَكِنْ فِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ أَيْضًا وَابْنِ مَاجَهْ ثُمَّ سَقَاهُ ثُمَّ صَنَعَ لِصَاحِبِهِ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْ حَلَبَ لَهُ أَيْضًا وَسَكَبَ عَلَيْهِ الْمَاءَ الْبَائِتَ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْمِثْلِيَّةُ فِي مُطْلَقِ الشُّرْبِ. قَالَ الْمُهَلَّبُ: فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِشُرْبِ الْمَاءِ الْبَارِدِ فِي الْيَوْمِ الْحَارِّ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ النِّعَمِ الَّتِي امْتَنَّ اللَّهُ بِهَا عَلَى عِبَادِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَلَمْ أُصِحَّ جِسْمَكَ، وَأَرْوِيكَ مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ؟
١٥ - بَاب شَرَابِ الْحَلْوَاءِ وَالْعَسَلِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا يَحِلُّ شُرْبُ بَوْلِ النَّاسِ لِشِدَّةٍ تَنْزِلُ؛ لِأَنَّهُ رِجْسٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي السَّكَرِ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ.
٥٦١٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُعْجِبُهُ الْحَلْوَاءُ وَالْعَسَلُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ شَرَابِ الْحَلْوَاءِ وَالْعَسَلِ) فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي الْحَلْوَاءُ بِالْمَدِّ وَلِغَيْرِهِ بِالْقَصْرِ، وَهُمَا لُغَتَانِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هِيَ مَا يُعْقَدُ مِنَ الْعَسَلِ وَنَحْوِهِ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ، عَنِ الدَّاوُدِيِّ: هِيَ النَّقِيعُ الْحُلْوُ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ تَبْوِيبُ الْبُخَارِيِّ شَرَابُ الْحَلْوَاءِ كَذَا قَالَ، وَإِنَّمَا هُوَ نَوْعٌ مِنْهَا، وَالَّذِي قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ هُوَ مُقْتَضَى الْعُرْفِ، وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: الْحَلْوَى كُلُّ شَيْءٍ حُلْوٍ، وَهُوَ كَمَا قَالَ، لَكِنِ اسْتَقَرَّ الْعُرْفُ عَلَى تَسْمِيَةِ مَا لَا يُشْرَبُ مِنْ أَنْوَاعِ الْحُلْوِ حَلْوَى لِأَنْوَاعِ مَا يُشْرَبُ مَشْرُوبٌ وَنَقِيعٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ مِمَّا قَالَ اخْتِصَاصُ الْحَلْوَى بِالْمَشْرُوبِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا يَحِلُّ شُرْبُ بَوْلِ النَّاسِ لِشِدَّةٍ تَنْزِلُ لِأَنَّهُ رِجْسٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَوَجَّهَهُ ابْنُ التِّينِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَمَّى الْبَوْلَ رِجْسًا، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ وَالرِّجْسُ مِنْ جُمْلَةِ الْخَبَائِثِ، وَيَرُدُّ عَلَى اسْتِدْلَالِ الزُّهْرِيِّ جَوَازُ أَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الشِّدَّةِ، وَهِيَ رِجْسٌ أَيْضًا، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: الْفُقَهَاءُ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ، وَأَشَدُّ حَالِ الْبَوْلِ أَنْ يَكُونَ فِي النَّجَاسَةِ وَالتَّحْرِيمِ مِثْلَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي جَوَازِ تَنَاوُلِهَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ. وَأَجَابَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ الْقِيَاسَ لَا يُدْخِلُ الرُّخَصَ، وَالرُّخْصَةُ فِي الْمَيْتَةِ لَا فِي الْبَوْلِ. قُلْتُ: وَلَيْسَ هَذَا بَعِيدًا مِنْ مَذْهَبِ الزُّهْرِيِّ، فَقَدِ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فِي السَّفَرِ، فَقِيلَ لَهُ: أَنْتَ تُفْطِرُ فِي