للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَزَهَقَ الْبَاطِلُ﴾ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ: وَحَوْلَ الْبَيْتِ سِتُّونَ وَثَلَاثُمِائَةٍ نُصُبٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ هُنَا بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ لَكِنْ بِلَفْظِ صَنَمٌ وَالْأَوْجَهُ نَصْبُهُ عَلَى التَّمْيِيزِ إِذْ لَوْ كَانَ مَرْفُوعًا لَكَانَ صِفَةً، وَالْوَاحِدُ لَا يَقَعُ صِفَةً لِلْجَمْعِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ، أَوْ هُوَ مَنْصُوبٌ لَكِنَّهُ كُتِبَ بِغَيْرِ أَلِفٍ عَلَى بَعْضِ اللُّغَاتِ.

١٣ - بَاب ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾

٤٧٢١ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ فِي حَرْثٍ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ، إِذْ مَرَّ الْيَهُودُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ، فَقَالَ: مَا رَابكُمْ إِلَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ، فَقَالُوا: سَلُوهُ، فَسَأَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ، فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ مَقَامِي، فَلَمَّا نَزَلَ الْوَحْيُ قَالَ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا﴾

قَوْلُهُ: بَابُ ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ إِبْرَاهِيمَ - وَهُوَ النَّخَعِيُّ - عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ.

قَوْلُهُ: (فِي حَرْثٍ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ، وَوَقَعَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ، وَضَبَطُوهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ وَبِالْعَكْسِ، وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ فَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِلَفْظِ وكَانَ فِي نَخْلٍ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ الْعِلْمِ بِالْمَدِينَةِ وَلِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَعْمَشِ فِي حَرْثٍ لِلْأَنْصَارِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نُزُولَ الْآيَةِ وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ، لَكِنْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلْيَهُودِ: أَعْطُونَا شَيْئًا نَسْأَلْ هَذَا الرَّجُلَ، فَقَالُوا: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَسَأَلُوهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾. وَرِجَالُهُ رِجَالُ مُسْلِمٍ، وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يَتَعَدَّدَ النُّزُولُ بِحَمْلِ سُكُوتِهِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ عَلَى تَوَقُّعِ مَزِيدِ بَيَانٍ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ سَاغَ هَذَا وَإِلَّا فَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ.

قَوْلُهُ: (يَتَوَكَّأُ) أَيْ يَعْتَمِدُ.

قَوْلُهُ: (عَلَى عَسِيبٍ) بِمُهْمَلَتَيْنِ وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ بِوَزْنِ عَظِيمٍ وَهِيَ الْجَرِيدَةُ الَّتِي لَا خُوصَ فِيهَا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ وَمَعَهُ جَرِيدَةٌ قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: الْعُسْبَانُ مِنَ النَّخْلِ كَالْقُضْبَانِ مِنْ غَيْرِهَا.

قَوْلُهُ: (إِذْ مَرَّ الْيَهُودُ) كَذَا فِيهِ الْيَهُودُ بِالرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ، وَفِي بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ فِي الْعِلْمِ وَالِاعْتِصَامِ وَالتَّوْحِيدِ وَكَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ إِذْ مَرَّ بِنَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ وَعِنْدَ الطَّبَرِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَعْمَشِ إِذْ مَرَرْنَا عَلَى يَهُودَ وَيُحْمَلُ هَذَا الِاخْتِلَافُ عَلَى أَنَّ الْفَرِيقَيْنِ تَلَاقَوْا فَيَصْدُقُ أَنَّ كُلًّا مَرَّ بِالْآخَرِ، وَقَوْلُهُ: يَهُودَ هَذَا اللَّفْظُ مَعْرِفَةٌ تَدْخُلُهُ اللَّامُ تَارَةً وَتَارَةً يَتَجَرَّدُ، وَحَذَفُوا مِنْهُ يَاءَ النِّسْبَةِ فَفَرَّقُوا بَيْنَ مُفْرَدِهِ وَجَمْعِهِ كَمَا قَالُوا زِنْجٌ وَزِنْجِيٌّ، وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ عَلَى تَسْمِيَةِ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْيَهُودُ.

قَوْلُهُ: (مَا رَابَكُمْ إِلَيْهِ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي مِنَ الرَّيْبِ، وَيُقَالُ فِيهِ رَابَهُ كَذَا وَأَرَابَهُ كَذَا بِمَعْنًى، وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: رَابَهُ إِذَا عَلِمَ