وَقَالَ مُجَاهِدٌ: عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الْإِذْخِرِ وَالْحَشِيشِ فِي الْقَبْرِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَحْرِيمِ مَكَّةَ، وَفِيهِ: فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِلَّا الْإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِهِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَجَوَّزَ ابْنُ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا الْإِذْخِرَ الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ، وَتَرْجَمَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ طَرْحَ الْإِذْخِرِ فِي الْقَبْرِ وَبَسْطِهِ فِيهِ، وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِذِكْرِ الْحَشِيشِ التَّنْبِيهَ عَلَى إِلْحَاقِهِ بِالْإِذْخِرِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِاسْتِعْمَالِ الْإِذْخِرِ الْبَسْطُ وَنَحْوُهُ لَا التَّطَيُّبُ، وَمُرَادُهُ بِالْحَشِيشِ مَا يَجُوزُ حَشُّهُ مِنَ الْحَرَامِ؛ إِذْ لَمْ يُقَيِّدْهُ فِي التَّرْجَمَةِ بِشَيْءٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ إِذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنًا فِي قِصَّةِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ لَمَّا قَصُرَ كَفَنُهُ أَنْ يُغَطَّى رَأْسُهُ، وَأَنْ يُجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الْإِذْخِرِ، وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ خَبَّابٍ أَيْضًا أَنَّ حَمْزَةَ لَمْ يُوجَدْ لَهُ كَفَنٌ إِلَّا بُرْدَةٌ إِذَا جُعِلَتْ عَلَى رَأْسِهِ قَلَصَتْ عَنْ قَدَمَيْهِ، وَإِذَا جُعِلَتْ عَلَى قَدَمَيْهِ قَلَصَتْ عَنْ رَأْسِهِ حَتَّى مُدَّتْ عَلَى رَأْسِهِ وَجُعِلَ عَلَى قَدَمَيْهِ الْإِذْخِرُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَخْ) هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِيهِ قِصَّةُ أَبِي شَاه وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي كِتَابِ الْعِلْمِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ إِلَخْ) وَصَلَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِهِ وَفِيهِ: فَقَالَ الْعَبَّاسُ إِلَّا الْإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِلْبُيُوتِ وَالْقُبُورِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ. . . إِلَخْ) هُوَ طَرَفٌ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، وَسَيَأْتِي مَوْصُولًا فِي كِتَابِ الْحَجِّ، وَأَوْرَدَهُ لِقَوْلِهِ فِيهِ: لِقَيْنِهِمْ بَدَلَ لِقُبُورِهِمْ. وَالْقَيْنُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا نُونٌ، هُوَ الْحَدَّادُ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى تَرْجِيحِ الرِّوَايَةِ الْأُولَى لِمُوَافَقَةِ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَصْفِيَّةَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْحَجِّ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٧٧ - بَاب هَلْ يُخْرَجُ الْمَيِّتُ مِنْ الْقَبْرِ وَاللَّحْدِ لِعِلَّةٍ؟
١٣٥٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَمَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَكَانَ كَسَا عَبَّاسًا قَمِيصًا. قَالَ سُفْيَانُ: وَقَالَ أَبُو هَارُونَ يَحْيَى: وَكَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَمِيصَانِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلْبِسْ أَبِي قَمِيصَكَ الَّذِي يَلِي جِلْدَكَ. قَالَ سُفْيَانُ: فَيُرَوْنَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَلْبَسَ عَبْدَ اللَّهِ قَمِيصَهُ؛ مُكَافَأَةً لِمَا صَنَعَ.
١٣٥١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ ﵁ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِي أَبِي مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ: مَا أُرَانِي إِلَّا مَقْتُولًا فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، وَإِنِّي لَا أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ غَيْرَ نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وإِنَّ عَلَيَّ دَيْنًا فَاقْضِ، وَاسْتَوْصِ بِأَخَوَاتِكَ خَيْرًا. فَأَصْبَحْنَا فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرٍ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الْآخَرِ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً غَيْرَ أُذُنِهِ.
[الحديث ١٣٥١ - طرفه في: ١٣٥٢]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute