للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٣٥٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ، فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ.

قَوْلُه: (بَابُ هَلْ يُخْرَجُ الْمَيِّتُ مِنَ الْقَبْرِ وَاللَّحْدِ لِعِلَّةٍ) أَيْ لِسَبَبٍ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ مَنَعَ إِخْرَاجَ الْمَيِّتِ مِنْ قَبْرِهِ مُطْلَقًا أَوْ لِسَبَبٍ دُونَ سَبَبٍ، كَمَنْ خَصَّ الْجَوَازَ بِمَا لَوْ دُفِنَ بِغَيْرِ غُسْلٍ أَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ، فَإِنَّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْأَوَّلِ دَلَالَةٌ عَلَى الْجَوَازِ إِذَا كَانَ فِي نَبْشِهِ مَصْلَحَةٌ تَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ زِيَادَةِ الْبَرَكَةِ لَهُ، وَعَلَيْهِ يَتَنَزَّلُ قَوْلُهُ فِي التَّرْجَمَةِ مِنَ الْقَبْرِ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ الثَّانِي دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ الْإِخْرَاجِ لِأَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِالْحَيِّ، لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَيِّتِ فِي دَفْنِ مَيِّتٍ آخَرَ مَعَهُ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ جَابِرٌ بِقَوْلِهِ: فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي. وَعَلَيْهِ يَتَنَزَّلُ قَوْلُهُ وَاللَّحْدُ، لِأَنَّ وَالِدَ جَابِرٍ كَانَ فِي لَحْدٍ.

وَإِنَّمَا أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ التَّرْجَمَةَ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ لِأَنَّ قِصَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ قَابِلَةٌ لِلتَّخْصِيصِ، وَقِصَّةَ وَالِدِ جَابِرٍ لَيْسَ فِيهَا تَصْرِيحٌ بِالرَّفْعِ، قَالَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ.

ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ حَدِيثَ عَمْرٍو - وَهُوَ ابْنُ دِينَارٍ - عَنْ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي بَابِ الْكَفَنِ فِي الْقَمِيصِ وَزَادَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ: وَكَانَ كَسَا عَبَّاسًا قَمِيصًا. وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ قَمِيصُهُ وَالْعَبَّاسُ الْمَذْكُورُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمُّ النَّبِيِّ .

قَوْلُهُ: (قَالَ سُفْيَانُ: وَقَالَ أَبُو هَارُونَ إِلَخْ) كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهَا، وَوَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَكَذَا فِي مُسْتَخْرَجِ أَبِي نُعَيْمٍ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَأَبُو هَارُونَ الْمَذْكُورُ جَزَمَ الْمِزِّيُّ بِأَنَّهُ مُوسَى بْنُ أَبِي عِيسَى الْحَنَّاطُ - بِمُهْمَلَةٍ وَنُونٍ - الْمَدَنِيُّ، وَقِيلَ: هُوَ الْغَنَوِيُّ، وَاسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَلَاءِ مِنْ شُيُوخِ الْبَصْرَةِ، وَكِلَاهُمَا مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ، فَالْحَدِيثُ مُعْضَلٌ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ، فَسَمَّاهُ عِيسَى وَلَفْظُهُ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ أَبِي مُوسَى (١)، فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ سُفْيَانُ: فَيَرَوْنَ أَنَّ النَّبِيَّ أَلْبَسَ عَبْدَ اللَّهِ قَمِيصَهُ مُكَافَأَةً لِمَا صَنَعَ بِالْعَبَّاسِ) هَذَا الْقَدْرُ مُتَّصِلٌ عِنْدَ سُفْيَانَ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي أَوَاخِرِ الْجِهَادِ فِي بَابِ كُسْوَةِ الْأُسَارَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُفْيَانَ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ أُتِيَ بِأُسَارَى، وَأُتِيَ بِالْعَبَّاسِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، فَوَجَدُوا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يُقْدَرُ عَلَيْهِ، فَكَسَاهُ النَّبِيُّ إِيَّاهُ، فَلِذَلِكَ نَزَعَ النَّبِيُّ قَمِيصَهُ الَّذِي أَلْبَسَهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فَلِذَلِكَ مِنْ كَلَامِ سُفْيَانَ أُدْرِجَ فِي الْخَبَرِ، بَيَّنَتْهُ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الَّتِي فِي هَذَا الْبَابِ، وَسَأَسْتَوْفِي الْكَلَامَ عَلَيْهِ هُنَاكَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءٍ) هُوَ ابْنُ أَبِي رَبَاحٍ (عَنْ جَابِرٍ) هَكَذَا أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ، عَنْ حُسَيْنٍ، وَلَمْ أَرَهُ بَعْدَ التَّتَبُّعِ الْكَثِيرِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى جَابِرٍ إِلَّا فِي الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ عَزَّ عَلَى الْإِسْمَاعِيلِيِّ مَخْرَجُهُ، فَأَخْرَجَهُ فِي مُسْتَخْرَجِهِ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، وَأَمَّا أَبُو نُعَيْمٍ فَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَشْعَثِ، عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ فَقَالَ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ. وَقَالَ بَعْدَهُ: لَيْسَ أَبُو نَضْرَةَ مِنْ شَرْطِ الْبُخَارِيِّ. قَالَ: وَرِوَايَتُهُ عَنْ حُسَيْنٍ، عَنْ عَطَاءٍ عَزِيزَةٌ جِدًّا.

قُلْتُ: وَطَرِيقُ سَعِيدٍ مَشْهُورَةٌ عَنْهُ، أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَالْحَاكِمُ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ، وَاحْتَمَلَ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ لِبِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ فِيهِ شَيْخَانِ، إِلَى أَنْ رَأَيْتُهُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ، قَدْ أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ


(١) هكذا في المخطوطة التي بأيدينا وفي طبعة بولاق، وهو غلط من النساخ أو سبق قلم، والصواب "موسى بن أبي عيسى" كما تقدم في كلام المزي وكما يعلم من المراجع المعتمدة، فتأمل. والله أعلم