سَلَمَةَ، تِيبَ عَلَى كَعْبٍ، قَالَتْ: أَفَلَا أُرْسِلُ إِلَيْهِ فَأُبَشِّرَهُ؟ قَالَ: إِذًا يَحْطِمَكُمْ النَّاسُ فَيَمْنَعُونَكُمْ النَّوْمَ سَائِرَ اللَّيْلَةِ، حَتَّى إِذَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَاةَ الْفَجْرِ آذَنَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا، وَكَانَ إِذَا اسْتَبْشَرَ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنْ الْقَمَرِ، وَكُنَّا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ خُلِّفُوا عَنْ الْأَمْرِ الَّذِي قُبِلَ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ اعْتَذَرُوا حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ لَنَا التَّوْبَةَ، فَلَمَّا ذُكِرَ الَّذِينَ كَذَبُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِنْ الْمُتَخَلِّفِينَ فاعْتَذَرُوا بِالْبَاطِلِ ذُكِرُوا بِشَرِّ مَا ذُكِرَ بِهِ أَحَدٌ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: ﴿يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ﴾ الْآيَةَ.
قَوْلُهُ: ﴿وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ﴾ الْآيَةَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، سَاقَ غَيْرَهُ إِلَى ﴿الرَّحِيمُ﴾.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَسَقَطَ مُحَمَّدٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ السَّكَنِ فَصَارَ لِلْبُخَارِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أبِي شُعَيْبٍ بِلَا وَاسِطَةً، وَعَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ فَاخْتُلِفَ فِي مُحَمَّدٍ، فَقَالَ الْحَاكِمُ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ النَّيْسَابُورِيُّ، يَعْنِي الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي تَفْسِيرِ الْأَنْفَالِ، وَقَالَ مَرَّةٌ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَعَ لَهُ مِنْ طَرِيقِهِ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ: هُوَ الذُّهْلِيُّ، وَأَيَّدَ ذَلِكَ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي عِلَلِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ لِلذُّهْلِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ، وَالْبُخَارِيُّ يُسْتَمَدُّ مِنْهُ كَثِيرًا، وَهُوَ يُهْمِلُ نَسَبَهُ غَالِبًا. وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ فَهُوَ الْحَرَّانِيُّ نَسَبَهُ الْمُؤَلِّفُ إِلَى جَدِّهِ، وَاسْمُ أَبِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو شُعَيْبٍ كُنْيَةُ مُسْلِمٍ لَا كُنْيَةُ عَبْدِ اللَّهِ، وَكُنْيَةُ أَحْمَدَ أَبُو الْحَسَنِ، وَهُوَ ثِقَةٌ بِاتِّفَاقٍ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ قَطْعًا مِنْ قِصَّةِ تَوْبَةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الْمَغَازِي. وَقَوْلُهُ فَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ مِنْهُمْ وَلَا يُصَلِّي عَلَيَّ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَلَا يُسَلِّمُ وَحَكَى عِيَاضٌ أَنَّهُ وَقَعَ لِبَعْضِ الرُّوَاةِ فَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ مِنْهُمْ وَلَا يُسَلِّمُنِي وَاسْتَبْعَدَهُ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّ السَّلَامَ إِنَّمَا يَتَعَدَّى بِحَرْفِ جَرٍّ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنْ يَكُونَ اتِّبَاعًا، أَوْ يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِ مَنْ فَسَّرَ السَّلَامَ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْتَ مُسْلِمٌ مِنِّي.
وَقَوْلُهُ: وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مَعْنِيَّةً فِي أَمْرِي كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ النُّونِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ ثَقِيلَةٌ مِنَ الِاعْتِنَاءِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مُعَيَّنَةٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا نُونٌ مِنَ الْعَوْنِ. وَالْأَوَّلُ أُنْسَبُ. وَقَوْلُهُ يَحْطِمُكُمْ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ، وَالْمُسْتَمْلِي يَخْطَفُكُمْ
١٩ - بَاب ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾
٤٦٧٨ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ قِصَّةِ تَبُوكَ، فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَبْلَاهُ اللَّهُ فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلَانِي، مَا تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَى يَوْمِي هَذَا كَذِبًا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿ عَلَى رَسُولِهِ ﷺ: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ﴾، إِلَى قَوْلِهِ، ﴿وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute