للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْأَنْصَابِ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هِيَ حِجَارَةٌ كَانُوا يَنْصِبُونَهَا وَيَذْبَحُونَ عِنْدَهَا فَيَنْصَبُّ عَلَيْهَا دِمَاءُ الذَّبَائِحِ. وَالْأَنْصَابُ أَيْضًا جَمْعُ نَصْبٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ ثُمَّ سُكُونٍ، وَهِيَ الْأَصْنَامُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ غَيْرُهُ: الزَّلَمُ: الْقِدْحُ لَا رِيشَ لَهُ وَهُوَ وَاحِدُ الْأَزْلَامِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَاحِدُ الْأَزْلَامِ: زَلَمٌ بِفَتْحَتَيْنِ، وَزُلَمٌ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ لُغَتَانِ، وَهُوَ الْقِدْحُ أَيْ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الدَّالِ.

قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِقْسَامُ أَنْ يُجِيلَ الْقِدَاحَ فَإِنْ نَهَتْهُ انْتَهَى، وَإِنْ أَمَرَتْهُ فَعَلَ مَا تَأْمُرُهُ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الِاسْتِقْسَامُ مِنْ قَسَمْتُ أَمْرِي، بِأَنْ أُجِيلَ الْقِدَاحَ؛ لِتَقْسِمَ لِي أَمْرِي؛ أَأُسَافِرُ أَمْ أُقِيمُ، وَأَغْزُو أَمْ لَا أَغْزُو، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، فَتَكُونُ هِيَ الَّتِي تَأْمُرُنِي وَتَنْهَانِي، وَلِكُلِّ ذَلِكَ قِدْحٌ مَعْرُوفٌ، قَالَ الشَّاعِرُ:

وَلَمْ أَقْسِمْ فَتَحْسَبُنِي الْقَسُومَ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِقْسَامَ اسْتِفْعَالٌ مِنَ الْقِسْمِ بِكَسْرِ الْقَافِ، أَيِ: اسْتِدْعَاءُ ظُهُورِ الْقِسْمِ، كَمَا أَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ طَلَبُ وُقُوعِ السَّقْيِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: الْأَزْلَامُ سِهَامٌ كَانَتْ فِي الْكَعْبَةِ يَقْسِمُونَ بِهَا فِي أُمُورِهِمْ.

قَوْلُهُ: (يُجِيلُ يُدِيرُ) ثَبَتَ هَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ، وَهُوَ شَرْحٌ لِقَوْلِهِ: يُجِيلُ الْقِدْحَ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ أَعْلَمُوا الْقِدْحَ أَعْلَامًا بِضُرُوبٍ يَسْتَقْسِمُونَ بِهَا) بَيَّنَ ذَلِكَ ابْنُ إِسْحَاقَ، كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا.

قَوْلُهُ: (وَفَعَلْتُ مِنْهُ قَسَمْتُ، وَالْقُسُومُ الْمَصْدَرُ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ﴾ هُوَ اسْتَفْعَلْتُ مِنْ قَسَمْتُ أَمْرِي.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ.

قَوْلُهُ: (نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَإِنَّ فِي الْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ لَخَمْسَةَ أَشْرِبَةٍ، مَا فِيهَا شَرَابُ الْعِنَبِ) يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّ الْخَمْرَ لَا يَخْتَصُّ بِمَاءِ الْعِنَبِ.

ثم أيد ذلك بقول أنس: ما كان لنا خمر غير فضيخكم.

ثم ذَكَرَ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي الَّذِينَ صَبَّحُوا الْخَمْرَ ثُمَّ قُتِلُوا بِأُحُدٍ وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهَا كَانَتْ مُبَاحَةً قَبْلَ التَّحْرِيمِ.

ثم ذَكَرَ حَدِيثَ عُمَرَ أَنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ، وَذَكَرَ مِنْهَا الْعِنَبَ، وَظَاهِرُهُ يُعَارِضُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورَ أَوَّلَ الْبَابِ، وَسَنَذْكُرُ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ مَعَ شَرْحِ أَحَادِيثِ الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: أُهْرِيقَتْ أَنْكَرَهُ ابْنُ التِّينِ وَقَالَ: الصَّوَابُ: هُرِيقَتْ بِالْهَاءِ بَدَلَ الْهَمْزَةِ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَأَثْبَتَ غَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ مَا أَنْكَرَهُ. وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: صَنَعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ طَعَامًا، فَدَعَانَا فَشَرِبْنَا الْخَمْرَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ حَتَّى سَكِرْنَا، فَتَفَاخَرْنَا، إِلَى أَنْ قَالَ: فَنَزَلَتْ ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ: - ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾

١١ - بَاب ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ - إِلَى قَوْلِهِ: - ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾

٤٦٢٠ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ : إِنَّ الْخَمْرَ الَّتِي أُهْرِيقَتْ الْفَضِيخُ. وَزَادَنِي مُحَمَّدٌ الْبِيكَنْدِيُّ، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ قَالَ: كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ، فَانْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ. قَالَ: فَخَرَجْتُ، فَقُلْتُ: هَذَا مُنَادٍ يُنَادِي: أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، فَقَالَ لِي: اذْهَبْ فَأَهْرِقْهَا، قَالَ: فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: وَكَانَتْ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: قُتِلَ قَوْمٌ وَهْيَ فِي بُطُونِهِمْ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾