الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ "
قَوْلُهُ: (بَابُ سُؤَالِ الْحَاكِمِ الْمُدَّعِي: هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَبْلَ الْيَمِينِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ الْأَشْعَثِ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ أَرْضٌ فَجَحَدَنِي، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: يَحْلِفُ، وَفِيهِ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَقَوْلُهُ فِي التَّرْجَمَةِ: قَبْلَ الْيَمِينِ أَيْ قَبْلَ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِلتَّرْجَمَةِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْمُدَّعِي بِأَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ الْحَاكِمُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ بِأَنَّ بَيِّنَتَهُ شَهِدَتْ لَهُ بِحَقٍّ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْأَشْعَثِ تَعَرُّضٌ لِذَلِكَ، بَلْ فِيهِ مَا قَدْ يُتَمَسَّكُ بِهِ فِي أَنَّ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَيَأْتِي مَبَاحِثُ حَدِيثَيِ الْأَشْعَثِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ فِي التَّفْسِيرِ وَالْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَفِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ: لَا تُعْرَضُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا اعْتَرَفَ الْمُدَّعِي أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً.
٢٠ - بَاب الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْأَمْوَالِ وَالْحُدُودِ، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ. وَقَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ: كَلَّمَنِي أَبُو الزِّنَادِ فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَيَمِينِ الْمُدَّعِي، فَقُلْتُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى﴾ قُلْتُ: إِذَا كَانَ يُكْتَفَى بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَيَمِينِ الْمُدَّعِي فَمَا تَحْتَاجُ أَنْ تُذْكِرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، مَا كَانَ يَصْنَعُ بِذِكْرِ هَذِهِ الْأُخْرَى؟
٢٦٦٨ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ إلي: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَضَى بِالْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
٢٦٦٩، ٢٦٧٠ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ [٧٧ آل عمران]: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ - إِلَى - عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ ثُمَّ إِنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا قَالَ فَقَالَ صَدَقَ لَفِيَّ أُنْزِلَتْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي شَيْءٍ فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُ إِذًا يَحْلِفُ وَلَا يُبَالِي: فَقال النبي ﷺ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالًا وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ ﷿ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ"
قَوْلُهُ: (بَابٌ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْأَمْوَالِ وَالْحُدُودِ) أَيْ دُونَ الْمُدَّعِي، وَيَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا تَجِبَ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ، وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَصِحَّ الْقَضَاءُ بَشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَيَمِينِ الْمُدَّعِي. وَاسْتِشْهَادُ الْمُصَنِّفِ بِقِصَّةِ ابْنِ شُبْرُمَةَ يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ أَرَادَ الثَّانِيَ. وَقَوْلُهُ: فِي الْأَمْوَالِ وَالْحُدُودِ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى الْكُوفِيِّينَ فِي تَخْصِيصِهِمُ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْأَمْوَالِ دُونَ الْحُدُودِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ إِلَى الْقَوْلِ بِعُمُومِ ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ وَالْحُدُودِ وَالنِّكَاحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute