للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السَّامِعِينَ وَتَفَاوُتِ الْعُلَمَاءِ فِي الْفَهْمِ وَأَنَّ مَنْ كَانَ أَرْفَعَ فِي الْفَهْمِ اسْتَحَقَّ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ أَعْلَمُ، وَفِيهِ التَّرْغِيبُ فِي اخْتِيَارِ مَا فِي الْآخِرَةِ عَلَى مَا فِي الدُّنْيَا، وَفِيهِ شُكْرُ الْمُحْسِنِ وَالتَّنْوِيهُ بِفَضْلِهِ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فِيهِ أَنَّ الْمُرَشَّحَ لِلْإِمَامَةِ يُخَصُّ بِكَرَامَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ كَمَا وَقَعَ فِي حَقِّ الصِّدِّيقِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ.

٤ - بَاب فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ النَّبِيِّ

٣٦٥٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ، فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ .

[الحديث: ٣٦٥٥ - طرفه في: ٣٦٩٧]

قَوْلُهُ: (بَابُ فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ - بَعْدَ النَّبِيِّ أَيْ فِي رُتْبَةِ الْفَضْلِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْبَعْدِيَّةَ الزَّمَانِيَّةَ فَإِنَّ فَضْلَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ ثَابِتًا فِي حَيَاتِهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْبَابِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ) هُوَ ابْنُ بِلَالٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ.

قَوْلُهُ: (كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ أَيْ نَقُولُ: فُلَانٌ خَيْرٌ مِنْ فُلَانٍ إِلَخْ، وَفِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ الْآتِيَةِ فِي مَنَاقِبِ عُثْمَانَ كُنَّا لَا نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ فَلَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ وَقَوْلُهُ: لَا نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَيْ لَا نَجْعَلُ لَهُ مِثْلًا، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ يَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ كُنَّا نَقُولُ وَرَسُولُ اللَّهِ حَيٌّ: أَفْضَلُ أُمَّةِ النَّبِيِّ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ زَادَ الطَّبَرَانِيُّ فِي رِوَايَةٍ فَيَسْمَعُ رَسُولُ اللَّهِ ذَلِكَ فَلَا يُنْكِرُهُ وَرَوَى خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ كُنَّا نَقُولُ: إِذَا ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ اسْتَوَى النَّاسُ، فَيَسْمَعُ النَّبِيُّ ذَلِكَ فَلَا يُنْكِرُهُ وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ فِي حَدِيثِ الْبَابِ دُونَ آخِرِهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ تَقْدِيمُ عُثْمَانَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَذَهَبَ بَعْضُ السَّلَفِ إِلَى تَقْدِيمِ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَيُقَالُ إِنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ، وَقَالَ بِهِ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَطَائِفَةٌ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ، وَقِيلَ: لَا يُفَضَّلُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَمِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ ابْنُ حَزْمٍ، وَحَدِيثُ الْبَابِ حُجَّةٌ لِلْجُمْهُورِ، وَقَدْ طَعَنَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَاسْتَنَدَ إِلَى مَا حَكَاهُ عَنْ هَارُونَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: مَنْ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ وَعَرَفَ لِعَلِيٍّ سَابِقِيَّتَهُ وَفَضْلَهُ فَهُوَ صَاحِبُ سُنَّةٍ، قَالَ فَذَكَرْتُ لَهُ مَنْ يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمْرُ، وَعُثْمَانُ وَيَسْكُتُونَ فَتَكَلَّمَ فِيهِمْ بِكَلَامٍ غَلِيظٍ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ابْنَ مَعِينٍ أَنْكَرَ رَأْيَ قَوْمٍ وَهُمُ الْعُثْمَانِيَّةُ الَّذِينَ يُغَالُونَ فِي حُبِّ عُثْمَانَ وَيَنْتَقِصُونَ عَلِيًّا، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَعْرِفْ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَضْلَهُ فَهُوَ مَذْمُومٌ، وَادَّعَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَيْضًا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ خِلَافُ قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ: إِنَّ عَلِيًّا أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ، فَإِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عَلِيًّا أَفْضَلُ الْخَلْقِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ، وَدَلَّ هَذَا الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ غَلَطٌ وَإِنْ كَانَ السَّنَدُ إِلَيْهِ صَحِيحًا، وَتُعُقِّبَ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ سُكُوتِهِمْ إِذْ ذَاكَ عَنْ تَفْضِيلِهِ عَدَمُ تَفْضِيلِهِ عَلَى الدَّوَامِ، وَبِأَنَّ الْإِجْمَاعَ الْمَذْكُورَ إِنَّمَا حَدَثَ بَعْدَ الزَّمَنِ الَّذِي قَيَّدَهُ ابْنُ عُمَرَ فَيَخْرُجُ

حَدِيثُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ غَلَطًا، وَالَّذِي أَظُنُّ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ إِنَّمَا أَنْكَرَ الزِّيَادَةَ الَّتِي