للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَخَذَ هَذَا مِنْ صَنِيعِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي تَذْكِيرِهِ كُلَّ خَمِيسٍ، أَوْ مِنِ اسْتِنْبَاطِ عَبْدِ اللَّهِ ذَلِكَ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدَهُ.

قَوْلُهُ: (جَرِيرٌ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَمَنْصُورٌ هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ.

قَوْلُهُ: (كَانَ عَبْدُ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدُ الرَّحْمَنِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ) هَذَا الْمُبْهَمُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِيَّ، وَفِي سِيَاقِ الْمُصَنِّفِ فِي أَوَاخِرِ الدَّعَوَاتِ مَا يُرْشِدُ إِلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (لَوَدِدْتُ) اللَّامُ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ، وَفَاعِلُ يَمْنَعُنِي: أَنِّي أَكْرَهُ بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَنِّي، وَأُمِلُّكُمْ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ: أُضْجِرُكُمْ، وَإِنِّي الثَّانِيَةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْمَتْنِ قَرِيبًا. وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ الَّذِي قَبْلَهُ بَصْرِيُّونَ.

١٣ - بَاب مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ

٧١ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ خَطِيبًا يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ: مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ، وَاللَّهُ يُعْطِي وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ.

[الحديث ٧١ - أطرافه في: ٧٤٦٠، ٧٣١٢، ٣٦٤١، ٣١١٦،]

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهُهُ فِي الدِّينِ) لَيْسَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ فِي التَّرْجَمَةِ قَوْلُهُ: فِي الدِّينِ وَثَبَتَتْ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ) هُوَ سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ، وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ مُصَغَّرًا.

قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) قَالَ حُمَيْدٌ فِي الِاعْتِصَامِ: لِلْمُؤَلِّفِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ. وَلِمُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، زَادَ تَسْمِيَةَ جَدِّهِ

قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ) هُوَ ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ.

قَوْلُهُ: (خَطِيبًا) هُوَ حَالٌ مِنَ الْمَفْعُولِ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَالِاعْتِصَامِ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَخْطُبُ. وَهَذَا الْحَدِيثُ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ: أَحَدُهَا: فَضْلُ النَّفَقَةِ فِي الدِّينِ. وَثَانِيهَا: أَنَّ الْمُعْطِيَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَبْقَى عَلَى الْحَقِّ أَبَدًا. فَالْأَوَّلُ لَائِقٌ بِأَبْوَابِ الْعِلْمِ. وَالثَّانِي لَائِقٌ بِقَسْمِ الصَّدَقَاتِ، وَلِهَذَا أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ فِي الزَّكَاةِ، وَالْمُؤَلِّفُ فِي الْخُمُسِ. وَالثَّالِثُ لَائِقٌ بِذِكْرِ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الِاعْتِصَامِ لِالْتِفَاتِهِ إِلَى مَسْأَلَةِ عَدَمِ خُلُوِّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ، وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِيهِ هُنَاكَ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِأَمْرِ اللَّهِ هُنَا الرِّيحُ الَّتِي تَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مَنْ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنَ الْإِيمَانِ وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ.

وَقَدْ تَتَعَلَّقُ لِأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ بِأَبْوَابِ الْعِلْمِ - بَلْ بِتَرْجَمَةِ هَذَا الْبَابِ خَاصَّةً - مِنْ جِهَةِ إِثْبَاتِ الْخَيْرِ لِمَنْ تَفَقَّهَ فِي دِينِ اللَّهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ بِالِاكْتِسَابِ فَقَطْ، بَلْ لِمَنْ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهِ، وَأَنَّ مَنْ يَفْتَحِ اللَّهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَا يَزَالُ جِنْسُهُ مَوْجُودًا حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ، وَقَدْ جَزَمَ الْبُخَارِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْآثَارِ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ الْحَدِيثِ، فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ، وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: أَرَادَ أَحْمَدُ أَهْلَ السُّنَّةِ وَمَنْ يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: مُحْتَمَلٌ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الطَّائِفَةُ فِرْقَةً مِنْ أَنْوَاعِ الْمُؤْمِنِينَ مِمَّنْ يُقِيمُ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ مُجَاهِدٍ وَفَقِيهٍ، وَمُحَدِّثٍ وَزَاهِدٍ، وَآمِرٍ بِالْمَعْرُوفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ، وَلَا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُهُمْ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا مُتَفَرِّقِينَ. قُلْتُ: وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (يُفَقِّهْهُ) أَيْ: يُفَهِّمُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهِيَ سَاكِنَةُ الْهَاءِ، لِأَنَّهَا جَوَابُ الشَّرْطِ، يُقَالُ: فَقُهَ بِالضَّمِّ إِذَا صَارَ الْفِقْهُ لَهُ سَجِيَّةً،