أَقْبَلَ بَاتَ بِذِي طُوًى، حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ دَخَلَ، وَإِذَا نَفَرَ مَرَّ بِذِي طُوًى، وَبَاتَ بِهَا حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ نَزَلَ بِذِي طُوًى إِذَا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى النُّزُولِ بِذِي طُوًى وَالْمَبِيتِ بِهَا إِلَى الصُّبْحِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ فِي أَوَائِلِ الْحَجِّ، وَالْمَقْصُودُ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ مَشْرُوعِيَّةُ الْمَبِيتِ بِهَا أَيْضًا لِلرَّاجِعِ مِنْ مَكَّةَ، وَغَفَلَ الدَّاوُدِيُّ، فَظَنَّ أَنَّ هَذَا الْمَبِيتَ مُتَّحِدٌ بِالْمَبِيتِ بِالْمُحَصَّبِ فَجَعَلَ ذَا طُوًى هُوَ الْمُحَصَّبَ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يَقَعُ الْمَبِيتُ بِالْمُحَصَّبِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِي يَوْمَ النَّفْرِ مِنْ مِنًى فَيُصْبِحُ سَائِرًا إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَى ذِي طُوًى، فَيَنْزِلَ بِهَا وَيَبِيتَ، فَهَذَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ حَدِيثِ الْبَابِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى) هُوَ ابْنُ الطَّبَّاعِ أَخُو إِسْحَاقَ الْبَصْرِيِّ. حَدَّثَنَا (حَمَّادٌ) اخْتُلِفَ فِي حَمَّادٍ هَذَا، فَجَزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِأَنَّهُ ابْنُ سَلَمَةَ، وَجَزَمَ الْمُزِّيُّ بِأَنَّهُ ابْنُ زَيْدٍ، فَلَمْ يَذْكُرْ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ فِي شُيُوخِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَذَكَرَ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ، وَلَمْ تَقَعْ لِي رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى مَوْصُولَةً. وَقَدْ أَخْرَجَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ طَرَفًا مِنَ الْحَدِيثَ وَلَيْسَ فِيهِ مَقْصُودُ التَّرْجَمَةِ، وَهَذَا الطَّرَفُ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الِاغْتِسَالِ لِدُخُولِ مَكَّةَ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ هُنَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَقْصُودَ التَّرْجَمَةِ، فَلَمْ يَتَّضِحْ لِي صِحَّةُ مَا قَالَ إِنَّ حَمَّادًا فِي التَّعْلِيقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى هَذَا هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ، بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ ابْنُ زَيْدٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَيْسَ لِمُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى هَذَا فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ، وَآخَرَ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ سَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا نَفَرَ مَرَّ بِذِي طُوًى) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: وَإِذَا نَفَرَ مَرَّ مِنْ ذِي طُوًى إِلَخْ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَلَيْسَ هَذَا أَيْضًا مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ. قُلْتُ: وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَمَاكِنُ نُزُولِهِ ﷺ لَيُتَأَسَّى بِهِ فِيهَا، إِذْ لَا يَخْلُو شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِهِ عَنْ حِكْمَةٍ.
١٥٠ - بَاب التِّجَارَةِ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ وَالْبَيْعِ فِي أَسْوَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ
١٧٧٠ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: كَانَ ذُو الْمَجَازِ وَعُكَاظٌ مَتْجَرَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ كَأَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ حَتَّى نَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ.
[الحديث ١٧٧٠ - أطرافه في: ٢٠٥٠، ٢٠٩٨، ٤٥١٩]
قَوْلُهُ: (بَابُ التِّجَارَةِ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ وَالْبَيْعِ فِي أَسْوَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ: جَوَازِ ذَلِكَ، وَالْمَوْسِمُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْلَمٌ يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ النَّاسُ مُشْتَقٌّ مِنَ السِّمَةِ وَهِيَ الْعَلَامَةُ، وَذَكَرَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ أَسْوَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ اثْنَيْنِ وَتَرَكَ اثْنَيْنِ سَنَذْكُرُهُمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ) فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ.
قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ، وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، عَنِ الْمَنِيعِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: كَذَا فِي كِتَابِي وَعَلَيْهِ صَحَّ. قُلْتُ: وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ كَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ حَدِيثٌ فِي حَدِيثٍ، فَإِنَّ حَدِيثَ ابْنِ الزُّبَيْرِ عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْهُ وَهُوَ أَخْصَرُ