للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْ سِيَاقِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وكَذَلِكَ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ.

قَوْلُهُ: (كَانَ ذُو الْمَجَازِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَفِي آخِرِهِ زَايٌ وَهُوَ بِلَفْظٍ ضِدَّ الْحَقِيقَةِ، وَعُكَاظٌ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْكَافِ وَفِي آخِرِهِ ظَاءٌ مُشَالَةٌ، زَادَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَرٍو كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ وَفِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ وَمَجِنَّةُ وَهِيَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ.

قَوْلُهُ: (مَتْجَرَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ: مَكَانَ تِجَارَتِهِمْ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَمَّا ذُو الْمَجَازِ فَذَكَرَ الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهَا كَانَتْ بِنَاحِيَةِ عَرَفَةَ إِلَى جَانِبِهَا، وَعِنْدَ الْأَزْرَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ الْكَلْبِيِّ أَنَّهُ كَانَ لِهُذَيْلٍ عَلَى فَرْسَخٍ مِنْ عَرَفَةَ، وَوَقَعَ فِي شَرْحِ الْكِرْمَانِيِّ أَنَّهُ كَانَ بِمِنًى وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، لِمَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَبِيعُونَ وَلَا يَبْتَاعُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِعَرَفَةَ وَلَا مِنًى، لَكِنْ سَيَأْتِي عَنْ تَخْرِيجِ الْحَاكِمِ خِلَافُ ذَلِكَ. وَأَمَّا عُكَاظٌ فَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهَا فِيمَا بَيْنَ نَخْلَةَ وَالطَّائِفِ إِلَى بَلَدٍ يُقَالُ لَهُ: الْفُتُقُ، بِضَمِّ الْفَاءُ وَالْمُثَنَّاةُ بَعْدَهَا قَافٌ، وَعَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ: أَنَّهَا كَانَتْ وَرَاءَ قَرْنِ الْمَنَازِلِ بِمَرْحَلَةٍ عَلَى طَرِيقِ صَنْعَاءَ، وَكَانَتْ لِقَيْسٍ وَثَقِيفٍ.

وَأَمَّا مَجِنَّةُ فَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: أَنَّهَا كَانَتْ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ إِلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ: الْأَصْغَرُ، وَعَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ: كَانَتْ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ عَلَى بَرِيدٍ مِنْهَا غَرْبِيَّ الْبَيْضَاءِ وَكَانَتْ لِكِنَانَةَ، وَذَكَرَ مِنْ أَسْوَاقِ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْضًا: حُبَاشَةَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةَ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَبَعْدَ الْأَلْفِ مُعْجَمَةٌ، وَكَانَتْ فِي دِيَارِ بَارِقٍ نَحْوُ قَنُونَى بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِضَمِّ النُّونِ الْخَفِيفَةِ وَبَعْدَ الْوَاوِ نُونٌ مَقْصُورَةٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى جِهَةِ الْيَمَنِ عَلَى سِتِّ مَرَاحِلَ، قَالَ: وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ السُّوقَ فِي الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مِنْ مَوَاسِمِ الْحَجِّ، وَإِنَّمَا كَانَتْ تُقَامُ فِي شَهْرِ رَجَبٍ، قَالَ الْفَاكِهِيُّ: وَلَمْ تَزَلْ هَذِهِ الْأَسْوَاقُ قَائِمَةً فِي الْإِسْلَامِ إِلَى أَنْ كَانَ أَوَّلُ مَا تُرِكَ مِنْهَا سُوقَ عُكَاظٍ فِي زَمَنِ الْخَوَارِجِ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَآخِرُ مَا تُرِكَ مِنْهَا سُوقَ حُبَاشَةَ فِي زَمَنِ دَاوُدَ بْنِ عِيسَى بْنِ مُوسَى الْعَبَّاسِيِّ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ. ثُمَّ أَسْنَدَ عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ أَنَّ كُلَّ شَرِيفٍ كَانَ إِنَّمَا يَحْضُرُ سُوقَ بَلَدِهِ إِلَّا سُوقَ عُكَاظٍ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَافَوْنَ بِهَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، فَكَانَتْ أَعْظَمَ تِلْكَ الْأَسْوَاقِ. وَقَدْ وَقَعَ ذِكْرُهَا فِي أَحَادِيثَ أُخْرَى مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: انْطَلَقَ النَّبِيُّ Object فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ. الْحَدِيثَ فِي قِصَّةِ الْجِنِّ، وَقَدْ مَضَى فِي الصَّلَاةِ وَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ.

وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي: كِتَابِ النَّسَبِ مِنْ طَرِيقِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: أَنَّهَا كَانَتْ تُقَامُ صُبْحَ هِلَالِ ذِي الْقَعْدَةِ إِلَى أَنْ يَمْضِيَ عِشْرُونَ يَوْمًا، قَالَ: ثُمَّ يُقَامُ سُوقُ مَجِنَّةَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ إِلَى هِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ، ثُمَّ يَقُومُ سُوقُ ذِي الْمَجَازِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ يَتَوَجَّهُونَ إِلَى مِنًى لِلْحَجِّ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ Object لَبِثَ عَشْرَ سِنِينَ يَتْبَعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي الْمَوْسِمِ بِمَجِنَّةَ وَعُكَاظٍ يُبَلِّغُ رِسَالَاتِ رَبِّهِ. الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.

قَوْلُهُ: (كَأَنَّهُمْ) أَيِ: الْمُسْلِمِينَ.

قَوْلُهُ: (كَرِهُوا ذَلِكَ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَكَأَنَّهُمْ تَأَثَّمُوا أَيْ: خَشُوا مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْإِثْمِ لِلِاشْتِغَالِ فِي أَيَّامِ النُّسُكِ بِغَيْرِ الْعِبَادَةِ، وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي: الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ النَّاسَ فِي أَوَّلِ الْحَجِّ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ وَسُوقِ ذِي الْمَجَازِ وَمَوَاسِمِ الْحَجِّ، فَخَافُوا الْبَيْعَ وَهُمْ حُرُمٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا فِي الْمُصْحَفِ، وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانُوا لَا يَتَّجِرُونَ بِمِنًى، فَأُمِرُوا بِالتِّجَارَةِ إِذَا أَفَاضُوا مِنْ عَرَفَاتٍ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ، وَأَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ: كَانُوا يَمْنَعُونَ الْبَيْعَ وَالتِّجَارَةَ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ يَقُولُونَ: إِنَّهَا أَيَّامُ ذِكْرٍ، فَنَزَلَتْ: وَلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُدْخِلُوا فِي حَجِّهِمُ التِّجَارَةَ