الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَلَا يَتَحَاتُّ، فَقَالَ الْقَوْمُ: هِيَ شَجَرَةُ كَذَا، هِيَ شَجَرَةُ كَذَا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ، فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ.
٦١٢٣ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مَرْحُومٌ، سَمِعْتُ ثَابِتًا أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا ﵁ يَقُولُ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا فَقَالَتْ: هَلْ لَكَ حَاجَةٌ فِيَّ؟ فَقَالَتْ ابْنَتُهُ: مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا، فَقَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ، عَرَضَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَفْسَهَا.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا لَا يُسْتَحْى مِنَ الْحَقِّ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ) هَذَا تَخْصِيصٌ لِلْعُمُومِ الْمَاضِي فِي الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ الْحَيَاءَ خَيْرٌ كُلَّهُ، أَوْ يُحْمَلُ الْحَيَاءُ فِي الْخَبَرِ الْمَاضِي عَلَى الْحَيَاءِ الشَّرْعِيِّ فَيَكُونُ مَا عَدَاهُ مِمَّا يُوجَدُ فِيهِ حَقِيقَةُ الْحَيَاءِ لُغَةً لَيْسَ مُرَادًا بِالْوَصْفِ الْمَذْكُورِ.
وذكر فيه ثلاثة أحاديث تقدمت، وهي ظاهرة فيما ترجم له، أحدها: حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ فِي سُؤَالِ أُمِّ سُلَيْمٍ عَنِ احْتِلَامِ الْمَرْأَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ.
وَعَنْ شُعْبَةَ:، حَدَّثَنَا خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ .. مِثْلَهُ. فَحَدَّثْتُ بِهِ عُمَرَ فَقَالَ: لَوْ كُنْتَ قُلْتَهَا لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا.
ثانيها: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ أَوْرَدَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ إِنْكَارِ عُمَرَ عَلَى ابْنِهِ تَرْكَهُ قَوْلَهُ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ لِكَوْنِهِ اسْتَحَى، وَتَمَنِّيهِ أَنْ لَوْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا أَيْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ كَمَا تَقَدَّمَ صَرِيحًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ.
ثالثها: حَدِيثُ أَنَسٍ:
قَوْلُهُ: (مَرْحُومٌ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَطَّارُ.
قَوْلُهُ: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِ اسْمِهَا، وقوله: فَقَالَتِ ابْنَتُهُ الضَّمِيرُ لِأَنَسٍ، وَاسْمُ ابْنَتِهِ فِيمَا أَظُنُّ أُمَيْنَةُ بِنُونٍ مُصَغَّرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ.
٨٠ - بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا. وَكَانَ يُحِبُّ التَّخْفِيفَ وَالتسري عَلَى النَّاسِ
٦١٢٤ - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ لَهُمَا: يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا. قَالَ أَبُو مُوسَى: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا بِأَرْضٍ يُصْنَعُ فِيهَا شَرَابٌ مِنْ الْعَسَلِ يُقَالُ لَهُ: الْبِتْعُ، وَشَرَابٌ مِنْ الشَّعِيرِ يُقَالُ لَهُ: الْمِزْرُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ.
٦١٢٥ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ﵁ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَسَكِّنُوا وَلَا تُنَفِّرُوا.
٦١٢٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ، إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ