٤ - بَاب مَا أَقْطَعَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ الْبَحْرَيْنِ، وَمَا وَعَدَ مِنْ مَالِ الْبَحْرَيْنِ وَالْجِزْيَةِ، وَلِمَنْ يُقْسَمُ الْفَيْءُ وَالْجِزْيَةُ
٣١٦٣ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا ﵁ قَالَ: دَعَا النَّبِيُّ ﷺ الْأَنْصَارَ لِيَكْتُبَ لَهُمْ بِالْبَحْرَيْنِ، فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَكْتُبَ لِإِخْوَانِنَا مِنْ قُرَيْشٍ بِمِثْلِهَا، فَقَالَ: ذَاكَ لَهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ يَقُولُونَ لَهُ. قَالَ: فَإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ
٣١٦٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِي: لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا. فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَجَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ كَانَ قَالَ لِي: لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ لَأَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، فَقَالَ لِي: احْثُهُ، فَحَثَوْتُ حَثْيَةً، فَقَالَ لِي: عُدَّهَا، فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِيَ خَمْسُ مِائَةٍ، فَأَعْطَانِي أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةٍ.
٣١٦٥ - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ: أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ: انْثُرُوهُ فِي الْمَسْجِدِ، فَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذْ جَاءَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي، فإِنِّي فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلًا، فقَالَ: خُذْ، فَحَثَا فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَقَالَ: أْمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إِلَيَّ، قَالَ: لَا. قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَالَ: لَا. فَنَثَرَ مِنْهُ ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَرْفَعْهُ فَقَالَ: فَمُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ عَلَيَّ، قَالَ: لَا. قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ، قَالَ: لَا. فَنَثَرَ مِنْهُ ثُمَّ احْتَمَلَهُ عَلَى كَاهِلِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ، فَمَا زَالَ يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَفِيَ عَلَيْنَا، عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ، فَمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا أَقْطَعَ النَّبِيُّ ﷺ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، وَمَا وَعَدَ مِنْ مَالِ الْبَحْرَيْنِ وَالْجِزْيَةِ وَلِمَنْ يُقْسَمُ الْفَيْءُ وَالْجِزْيَةُ) اشْتَمَلَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ، وَأَحَادِيثُ الْبَابِ ثَلَاثَةٌ مُوَزَّعَةٌ عَلَيْهَا عَلَى التَّرْتِيبِ.
فَأَمَّا إِقْطَاعُهُ ﷺ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ ﷺ هَمَّ بِذَلِكَ وَأَشَارَ عَلَى الْأَنْصَارِ بِهِ مِرَارًا فَلَمَّا لَمْ يَقْبَلُوا تَرَكَهُ، فَنَزَّلَ الْمُصَنِّفُ مَا بِالْقُوَّةِ مَنْزِلَةَ مَا بِالْفِعْلِ، وَهُوَ فِي حَقِّهِ ﷺ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِمَا يَجُوزُ فِعْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْبَحْرَيْنِ الْبَلَدُ الْمَشْهُورُ بِالْعِرَاقِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي فَرْضِ الْخُمُسِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ صَالَحَهُمْ وَضَرَبَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ. وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِقْطَاعِهَا لِلْأَنْصَارِ تَخْصِيصُهُمْ بِمَا يَتَحَصَّلُ مِنْ جِزْيَتِهَا وَخَرَاجِهَا لَا تَمْلِيكَ رَقَبَتِهَا لِأَنَّ أَرْضَ الصُّلْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute