مِمَّا وُضِعَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ مَنْ يَأْخُذُ مِنْ قُدَّامِ الْآخَرِ شَيْئًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ. وَفِيهِ جَوَازُ تَرْكِ الْمُضِيفِ الْأَكْلَ مَعَ الضَّيْفِ؛ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ الْخَيَّاطَ قَدَّمَ لَهُمُ الطَّعَامَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَمَلِهِ فَيُؤْخَذُ جَوَازُ ذَلِكَ مِنْ تَقْرِيرِ النَّبِيِّ ﷺ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ كَانَ قَلِيلًا فَآثَرَهُمْ بِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ مُكْتَفِيًا مِنَ الطَّعَامِ أَوْ كَانَ صَائِمًا أَوْ كَانَ شُغْلُهُ قَدْ تَحَتَّمَ عَلَيْهِ تَكْمِيلُهُ. وَفِيهِ الْحِرْصُ عَلَى التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْخَيْرِ وَالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ فِي الْمَطَاعِمِ وَغَيْرِهَا. وَفِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِأَنَسٍ لِاقْتِفَائِهِ أَثَرَ النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى فِي الْأَشْيَاءِ الْجِبِلِّيَّةِ، وَكَانَ يَأْخُذُ نَفْسَهُ بِاتِّبَاعِهِ فِيهَا، ﵁.
قَوْلُهُ: (قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: كُلْ بِيَمِينِكِ) كَذَا ثَبَتَ هَذَا التَّعْلِيقُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْحَمَوِيِّ، والْكُشْمِيهَنِيِّ وَسَقَطَ لِلْبَاقِينَ وَهُوَ الْأَشْبَهُ، وَقَدْ مَضَى مَوْصُولًا قَبْلَ بَابٍ، وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَ التَّرْجَمَةِ الَّتِي تَلِيهِ.
٥ - بَاب التَّيَمُّنِ فِي الْأَكْلِ وَغَيْرِهِ. قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: كُلْ بِيَمِينِكَ
٥٣٨٠ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ؛ فِي طُهُورِهِ، وَتَنَعُّلِهِ، وَتَرَجُّلِهِ. وَكَانَ قَالَ بِوَاسِطٍ قَبْلَ هَذَا: فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ التَّيَمُّنِ فِي الْأَكْلِ وَغَيْرِهِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثِ عَائِشَةَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ الْحَدِيثَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ، وَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ تَكْرَارًا؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: بَابُ التَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعَامِ، وَالْأَكْلِ بِالْيَمِينِ وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ ابْنُ بَطَّالٍ بِأَنَّ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ أَعَمُّ مِنَ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْأُولَى لِفِعْلِ الْأَكْلِ فَقَطْ، وَهَذِهِ لِجَمِيعِ الْأَفْعَالِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِطَرِيقِ التَّعْمِيمِ، اهـ، وَمِنْ جُمْلَةِ الْعُمُومِ عُمُومُ مُتَعَلِّقَاتِ الْأَكْلِ، كَالْأَكْلِ مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ، وَتَقْدِيمِ مَنْ عَلَى الْيَمِينِ فِي الْإِتْحَافِ وَنَحْوِهِ عَلَى مَنْ عَلَى الشِّمَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَكَانَ قَالَ بِوَاسِطَ قَبْلَ هَذَا: فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ) الْقَائِلُ هُوَ شُعْبَةُ، وَالْمَقُولُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ بِوَاسِطَ: هُوَ أَشْعَثُ وَهُوَ ابْنُ أَبِي الشَّعْثَاءَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ مَعَ مَبَاحِثِ الْحَدِيثِ فِي بَابِ التَّيَمُّنِ مِنْ كِتَابِ الْوُضُوءِ، وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: الْقَائِلُ بِوَاسِطَ هُوَ أَشْعَثُ، كَذَا نُقِلَ، وَلَيْسَ بِصَوَابٍ مِمَّنْ قَالَ.
٦ - بَاب مَنْ أَكَلَ حَتَّى شَبِعَ
٥٣٨١ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ، لِأُمِّ سُلَيْمٍ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ضَعِيفًا، أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا، فَلَفَّتْ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ ثَوْبِي، وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: بِطَعَامٍ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِمَنْ مَعَهُ: قُومُوا فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ، فَقَالَ أَبُو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute