بِهَذَا بَيَانُ سَمَاعِ قَتَادَةَ لَهُ مِنْ أَنَسٍ، وَرِوَايَتُهُ هَذِهِ وَصَلَهَا السَّرَّاجُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ. وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ أَيْضًا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ: يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إِطَالَةُ الرُّكُوعِ إِذَا سَمِعَ بِحِسٍّ دَاخِلٍ لِيُدْرِكَهُ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ التَّخْفِيفَ نَقِيضُ التَّطْوِيلِ، فَكَيْفَ يُقَاسُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: ثُمَّ إِنَّ فِيهِ مُغَايَرَةٌ لِلْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إِدْخَالُ مَشَقَّةٍ عَلَى جَمَاعَةٍ لِأَجْلِ وَاحِدٍ، انْتَهَى. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: مَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَى الْجَمَاعَةِ، وَبِذَلِكَ قَيَّدَهُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَطَّالٍ سَبَقَهُ إِلَيْهِ الْخَطَّابِيُّ، وَوَجَّهَهُ بِأَنَّهُ إِذَا جَازَ التَّخْفِيفُ لِحَاجَةٍ مِنْ حَاجَاتِ الدُّنْيَا كَانَ التَّطْوِيلُ لِحَاجَةٍ مِنْ حَاجَاتِ الدِّينِ أَجْوَزُ، وَتَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّ فِي التَّطْوِيلِ هُنَا زِيَادَةَ عَمَلٍ فِي الصَّلَاةِ غَيْرَ مَطْلُوبٍ، بِخِلَافِ التَّخْفِيفِ؛ فَإِنَّهُ مَطْلُوبٌ، انْتَهَى. وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَتَفْصِيلٌ، وَأَطْلَقَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْمَذْهَبِ اسْتِحْبَابَ ذَلِكَ، وَفِي التَّجْرِيدِ لِلْمَحَامِلِيِّ نَقَلَ كَرَاهِيَّتَهُ عَنِ الْجَدِيدِ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: أَخْشَى أَنْ يَكُونَ شِرْكًا.
٦٦ - بَاب إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا
٧١١ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو النُّعْمَانِ قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ مُعَاذٌ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ يَأْتِي قَوْمَهُ فَيُصَلِّي بِهِمْ.
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَمَّ قَوْمًا) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: لَمْ يَذْكُرْ جَوَابَ إِذَا جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِ فِي تَرْكِ الْجَزْمِ بِالْحُكْمِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ قَرِيبًا
وَتَقَدَّمَ الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَمْرٍو.
٦٧ - بَاب مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ
٧١٢ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ ﷺ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَتَاهُ بِلَالٌ يُوذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ، قُلْتُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، إِنْ يَقُمْ مَقَامَكَ يَبْكِي فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِرَاءَةِ، فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ، فَقُلْتُ مِثْلَهُ، فَقَالَ - فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ -: إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ، فَصَلَّى، وَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَخُطُّ بِرِجْلَيْهِ الْأَرْضَ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ صَلِّ، فَتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ وَقَعَدَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى جَنْبِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ. تَابَعَهُ مُحَاضِرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي بَابِ حَدِّ الْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ، وَالشَّاهِدُ فِيهِ قَوْلُهُ: وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ، وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ مُفَسِّرَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ لِلْمُرَادِ بِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْمَاضِيَةِ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ النَّبِيِّ ﷺ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute