للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلَعَلَّنَا نَجِدُهَا بِالْإِسْنَادِ فِيمَا بَعْدُ انْتَهَى.

وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي الْأَطْرَافِ لِأَبِي مَسْعُودٍ وَلَا هِيَ فِي شَيْءٍ مِنْ طَرُقِ حَدِيثِ جَابِرٍ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنَّمَا وَقَعَتْ فِي مُرْسَلَيِ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُمَا، وَكَذَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ وَسَنَدُهُ سَاقِطٌ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْخُطْبَةَ تَكُونُ عَنْ قِيَامٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَنَّهَا مُشْتَرَطَةٌ فِي الْجُمُعَةِ حَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ وَاسْتَبْعَدَهُ، وَأَنَّ الْبَيْعَ وَقْتَ الْجُمُعَةِ يَنْعَقِدُ تَرْجَمَ عَلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ كَوْنِهِ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِفَسْخِ مَا تَبَايَعُوا فِيهِ مِنَ الْعِيرِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ. وَفِيهِ كَرَاهِيَةُ تَرْكِ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ انْعِقَادِ الْجُمُعَةِ بِاثْنَيْ عَشَرَ نَفْسًا وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ، وَيَجِيءُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ الْعَدَدَ الْمُعْتَبَرَ فِي الِابْتِدَاءِ يُعْتَبَرُ فِي الدَّوَامِ فَلَمَّا لَمْ تَبْطُلِ الْجُمُعَةُ بِانْفِضَاضِ الزَّائِدِ عَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَافٍ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَمَادَى حَتَّى عَادُوا أَوْ عَادَ مَنْ تُجْزِئُ بِهِمْ، إِذْ لَمْ يَرِدْ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ. وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ أَتَمَّهَا ظُهْرًا. وَأَيْضًا فَقَدْ فَرَّقَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ فِي هَذَا فَقِيلَ: إِذَا انْعَقَدَتْ لَمْ يَضُرَّ مَا طَرَأَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ بَقِيَ الْإِمَامُ وَحْدَهُ.

وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ بَقَاءُ وَاحِدٍ مَعَهُ، وَقِيلَ: اثْنَيْنِ، وَقِيلَ: يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا إِذَا انْفَضُّوا بَعْدَ تَمَامِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَلَا يَضُرُّ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ صَارَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فَقَالَ: إِذَا تَفَرَّقُوا بَعْدَ الِانْعِقَادِ فَيُشْتَرَطُ بَقَاءُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ لَا عُمُومَ فِيهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ظَاهِرَ تَرْجَمَةِ الْبُخَارِيِّ تَقْتَضِي أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ الْجَمْعُ الَّذِي يَبْقَى مَعَ الْإِمَامِ بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ، وَتَقَدَّمَ تَرْجِيحُ كَوْنِ الِانْفِضَاضِ وَقَعَ فِي الْخُطْبَةِ لَا فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ اللَّائِقُ بِالصَّحَابَةِ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِمْ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ فِي الصَّلَاةِ حُمِلَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ النَّهْيِ كَآيَةِ لَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ، وَقَبْلَ النَّهْيِ عَنِ الْفِعْلِ الْكَثِيرِ فِي الصَّلَاةِ. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّرْجَمَةِ فَصَلَاةُ الْإِمَامِ وَمَنْ بَقِيَ جَائِزَةٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْجَمِيعَ لَوِ انْفَضُّوا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْإِمَامُ وَحْدَهُ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ لَهُ الْجُمُعَةُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا.

وَقِيلَ: تَصِحُّ إِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ، وَقِيلَ: إِنْ بَقِيَ اثْنَانِ، وَقِيلَ: ثَلَاثَةٌ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ صَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى صَحَّتْ لِمَنْ بَقِيَ، وَقِيلَ: يُتِمُّهَا ظُهْرًا مُطْلَقًا. وَهَذَا الْخِلَافُ كُلُّهُ أَقْوَالٌ مُخَرَّجَةٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إِلَّا الْأَخِيرَ فَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ، وَإِنْ ثَبَتَ قَوْلُ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ أَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ حِينَئِذٍ قَبْلَ الْخُطْبَةِ زَالَ الْإِشْكَالُ، لَكِنَّهُ مَعَ شُذُوذِهِ مُعْضِلٌ. وَقَدِ اسْتَشْكَلَ الْأَصِيلِيُّ حَدِيثَ الْبَابِ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ وَصَفَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ بِأَنَّهُمْ ﴿لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ ثُمَّ أَجَابَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ. انْتَهَى. وَهَذَا الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي آيَةِ النُّورِ التَّصْرِيحُ بِنُزُولِهَا فِي الصَّحَابَةِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ لَهُمْ نَهْيٌ عَنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْجُمُعَةِ. وَفَهِمُوا مِنْهَا ذَمَّ ذَلِكَ اجْتَنَبُوهُ فَوُصِفُوا بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا فِي آيَةِ النُّورِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٣٩ - بَاب الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَقَبْلَهَا

٩٣٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، وَبَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.

[الحديث ٩٣٧ - أطرافه في ١١٨٠. ١١٧٢. ١١٦٥]