قَوْلُهُ (بَابُ الْحُرَّةِ تَحْتَ الْعَبْدِ) أَيْ جَوَازُ تَزْوِيجِ الْعَبْدِ الْحُرَّةَ إِنْ رَضِيَتْ بِهِ، وَأَوْرَدَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ قِصَّةِ بَرِيرَةَ حَيْثُ خُيِّرَتْ حِينَ عَتَقَتْ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ مَصِيرٌ مِنَ الْمُصَنِّفِ إِلَى أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ حِينَ عَتَقَتْ كَانَ عَبْدًا، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
١٩ - بَاب لَا يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ﴾ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ﵉: يَعْنِي مَثْنَى أَوْ ثُلَاثَ أَوْ رُبَاعَ
وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ ﴿أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ﴾ يَعْنِي مَثْنَى أَوْ ثُلَاثَ أَوْ رُبَاعَ
٥٠٩٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ قَالَتْ: هي الْيَتِيمَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، وَهُوَ وَلِيُّهَا فَيَتَزَوَّجُهَا عَلَى مَالِهَا، وَيُسِيءُ صُحْبَتَهَا، وَلَا يَعْدِلُ فِي مَالِهَا، فَلْيَتَزَوَّجْ مَا طَابَ لَهُ مِنْ النِّسَاءِ سِوَاهَا؛ مَثْنَى، وَثُلَاثَ، وَرُبَاعَ.
قَوْلُهُ (بَابُ لَا يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ﴾ أَمَّا حُكْمُ التَّرْجَمَةِ فَبِالْإِجْمَاعِ، إِلَّا قَوْلَ مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ مِنْ رَافِضِيٍّ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا انْتِزَاعُهُ مِنَ الْآيَةِ فَلِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهَا التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأَعْدَادِ الْمَذْكُورَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ نَفْسِهَا ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ وَلِأَنَّ مَنْ قَالَ جَاءَ الْقَوْمُ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ أَرَادَ أَنَّهُمْ جَاءُوا اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثَةً ثَلَاثَةً وَأَرْبَعَةً أَرْبَعَةً، فَالْمُرَادُ تَبْيِينُ حَقِيقَةِ مَجِيئِهِمْ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَجِيئُوا جُمْلَةً وَلَا فُرَادَى، وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى الْآيَةِ انْكِحُوا اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثَةً ثَلَاثَةً وَأَرْبَعَةً أَرْبَعَةً، فَالْمُرَادُ الْجَمِيعُ لَا الْمَجْمُوعُ، وَلَوْ أُرِيدَ مَجْمُوعُ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ لَكَانَ قَوْلُهُ مَثَلًا تِسْعًا أَرْشَقُ وَأَبْلَغُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ لَفْظَ مَثْنَى مَعْدُولٌ عَنِ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ، فَدَلَّ إِيرَادُهُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأَعْدَادِ الْمَذْكُورَةِ، وَاحْتِجَاجُهُمْ بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ لَا يُفِيدُ مَعَ وُجُودِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ الْجَمْعِ، وَبِكَوْنِهِ ﷺ جَمَعَ بَيْنَ تِسْعِ، مُعَارَضٌ بِأَمْرِهِ ﷺ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ بِمُفَارَقَةِ مَنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ لِغَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ وَغَيْرِهِ كَمَا خَرَّجَ فِي كُتُبِ السُّنَنِ فَدَلَّ عَلَى خُصُوصِيَّتِهِ ﷺ بِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ ﴿أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ﴾ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ فَاطِرٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ
الْمُرَادَ بِهِ تَنْوِيعُ الْأَعْدَادِ لَا أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَجْمُوعَ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ.
قَوْلُهُ (وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ) أَيِ ابْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (يَعْنِي مَثْنَى أَوْ ثُلَاثَ أَوْ رُبَاعَ) أَرَادَ أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ، فَهِيَ لِلتَّنَوُّيعِ، أَوْ هِيَ عَاطِفَةٌ عَلَى الْعَامِلِ وَالتَّقْدِيرِ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى، وَانْكِحُوا مَا طَابَ مِنَ النِّسَاءِ ثَلَاثَ إِلَخْ، وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْأَدِلَّةِ فِي الرَّدِّ عَلَى الرَّافِضَةِ لِكَوْنِهِ مِنْ تَفْسِيرِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ وَهُوَ مِنْ أَئِمَّتِهِمُ الَّذِينَ يَرْجِعُونَ إِلَى قَوْلِهِمْ وَيَعْتَقِدُونَ عِصْمَتَهَمْ. ثُمَّ سَاقَ الْمُصَنِّفُ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ وَقَدْ سَبَقَ قَبْلَ هَذَا بِبَابٍ أَتَمَّ سِيَاقًا مِنَ الَّذِي هُنَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
٢٠ - بَاب ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ وَيَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاع مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ
٥٠٩٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute