للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَلَيْهِ مَا يَجُوزُ عَلَى الْبَشَرِ مِنَ الْأَسْقَامِ وَنَحْوِهَا مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ فِي مِقْدَارِهِ بِذَلِكَ، بَلْ لِيَزْدَادَ قَدْرُهُ رِفْعَةً وَمَنْصِبُهُ جَلَالَةً.

٥٢ - بَاب مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ؟ قَالَ أَنَسٌ: فَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا

٦٩٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ - وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ النَّبِيُّ سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ.

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ نَحْوَهُ بِهَذَا.

[الحديث ٦٩٠ - طرفاه في: ٨١١، ٧٤٧]

قَوْلُهُ: (بَابُ مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ) أَيْ: إِذَا اعْتَدَلَ أَوْ جَلَسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَنَسٌ): هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِهِ الْمَاضِي فِي الْبَابِ قَبْلَهُ، لَكِنْ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ دُونَ بَعْضٍ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ إِيجَابِ التَّكْبِيرِ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِهِ، وَمُنَاسَبَتُهُ لِحَدِيثِ الْبَابِ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ مَا يُسَمَّى رُكُوعًا مِنَ الْإِمَامِ بِنَاءً عَلَى تَقَدُّمِ الشَّرْطِ عَلَى الْجَزَاءِ، وَحَدِيثُ الْبَابِ يُفَسِّرُهُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ سُفْيَانَ) هُوَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ هُوَ السَّبِيعِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ هُوَ الْخَطْمِيُّ، كَذَا وَقَعَ مَنْسُوبًا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فِي رِوَايَةٍ لِشُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى خَطْمَةَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الطَّاءِ بَطْنٍ مِنَ الْأَوْسِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ الْمَذْكُورُ أَمِيرًا عَلَى الْكُوفَةِ فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَوَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابُ رَفْعِ الْبَصَرِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ يَخْطُبُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، لَكِنَّهُ سَمِعَ هَذَا عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ. وَفِيهِ لَطِيفَةٌ وَهِيَ رِوَايَةُ صَحَابِيٍّ ابْنِ صَحَابِيٍّ عَنْ صَحَابِيٍّ ابْنِ صَحَابِيٍّ مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ مِنَ الْأَوْسِ، وَكِلَاهُمَا سَكَنَ الْكُوفَةَ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى الْحُمَيْدِيُّ فِي جَمْعِهِ وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ، لَكِنْ رَوَى عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ فِي تَارِيخِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: قَوْلُهُ هُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ إِنَّمَا يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الرَّاوِيَ عَنِ الْبَرَاءِ لَا الْبَرَاءَ. وَلَا يُقَالُ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ غَيْرُ كَذُوبٍ، يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ إِنَّمَا تَحْسُنُ فِي مَشْكُوكٍ فِي عَدَالَتِهِ، وَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عُدُولٌ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى تَزْكِيَةٍ.

وَقَدْ تَعَقَّبَهُ الْخَطَّابِيُّ فَقَالَ: هَذَا الْقَوْلُ لَا يُوجِبُ تُهْمَةً فِي الرَّاوِي، إِنَّمَا يُوجِبُ حَقِيقَةَ الصِّدْقِ لَهُ، قَالَ: وَهَذِهِ عَادَتُهُمْ إِذَا أَرَادُوا تَأْكِيدَ الْعِلْمِ بِالرَّاوِي وَالْعَمَلَ بِمَا رَوَى، كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ خَلِيلِي الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ حَدَّثَنِي الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ وَقَالَ عِيَاضٌ - وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ -: لَا وَصْمَ فِي هَذَا عَلَى الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّعْدِيلَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ تَقْوِيَةَ الْحَدِيثِ؛ إِذْ حَدَّثَ بِهِ الْبَرَاءُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ، وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ: حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الْأَمِينُ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ فَذَكَرَهُمَا.

قَالَ: وَهَذَا قَالُوهُ تَنْبِيهًا عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ، لَا أَنَّ قَائِلَهُ قَصَدَ بِهِ تَعْدِيلَ رَاوِيهِ. وَأَيْضًا فَتَنْزِيهُ ابْنِ مَعِينٍ، لِلْبَرَاءِ عَنِ التَّعْدِيلِ لِأَجْلِ صُحْبَتِهِ، وَلَمْ يُنَزِّهْ عَنْ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ لَا وَجْهَ لَهُ؛ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ أَخَذَ كَلَامَ الْخَطَّابِيِّ فَبَسَطَهُ وَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ الْإِلْزَامَ الْأَخِيرَ، وَلَيْسَ بِوَارِدٍ؛ لِأَنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ لَا يُثْبِتُ صُحْبَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، وَقَدْ نَفَاهَا أَيْضًا مُصْعَبُ الزَّبِيرِيُّ وَتَوَقَّفَ فِيهَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَأَبُو دَاوُدَ وَأَثْبَتَهَا ابْنُ الْبَرْقِيِّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَآخَرُونَ. وَقَالَ