غَيْرِهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: السِّرُّ فِي تَخْصِيصِ الْمَدِينَةِ بِالذِّكْرِ أَنَّهَا كَانَتْ إِذْ ذَاكَ مَوْطِنَ النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ صَارَتْ مَوْضِعَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ.
٧ - بَاب مَا يُذْكَرُ مِنْ ذَمِّ الرَّأْيِ وَتَكَلُّفِ الْقِيَاسِ
﴿وَلا تَقْفُ﴾ - لَا تَقُلْ - ﴿مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾
٧٣٠٧ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: حَجَّ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْزِعُ الْعِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاكُمُوهُ انْتِزَاعًا، وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ، فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ، فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ. فَحَدَّثْتُ بِهِ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ. ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو حَجَّ بَعْدُ، فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي، انْطَلِقْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَاسْتَثْبِتْ لِي مِنْهُ الَّذِي حَدَّثْتَنِي عَنْهُ، فَجِئْتُهُ، فَسَأَلْتُهُ، فَحَدَّثَنِي بِهِ كَنَحْوِ مَا حَدَّثَنِي، فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَأَخْبَرْتُهَا، فَعَجِبَتْ، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ حَفِظَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو.
قَوْلُهُ: بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ ذَمِّ الرَّأْيِ) أَيِ الْفَتْوَى بِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ النَّظَرُ، وَهُوَ يَصْدُقُ عَلَى مَا يُوَافِقُ النَّصَّ وَعَلَى مَا يُخَالِفُهُ، وَالْمَذْمُومُ مِنْهُ مَا يُوجَدُ النَّصُّ بِخِلَافِهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ مِنْ إِلَى أَنَّ بَعْضَ الْفَتْوَى بِالرَّأْيِ لَا تُذَمُّ، وَهُوَ إِذَا لَمْ يُوجَدِ النَّصُّ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ.
٧٣٠٨ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ سَمِعْتُ الأَعْمَشَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا وَائِلٍ هَلْ شَهِدْتَ صِفِّينَ قَالَ نَعَمْ فَسَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَقُولُ ح و حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ قَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ لَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَيْهِ لَرَدَدْتُهُ وَمَا وَضَعْنَا سُيُوفَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا إِلَى أَمْرٍ يُفْظِعُنَا إِلاَّ أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ غَيْرَ هَذَا الأَمْرِ قَالَ وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ شَهِدْتُ صِفِّينَ وَبِئْسَتْ صِفِّينَ.
وَقَوْلُهُ وَتَكَلُّفُ الْقِيَاسِ أَيْ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ وَاحْتَاجَ إِلَى الْقِيَاسِ فَلَا يَتَكَلَّفْهُ بَلْ يَسْتَعْمِلْهُ عَلَى أَوْضَاعِهِ وَلَا يَتَعَسَّفْ فِي إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ الْجَامِعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ، بَلْ إِذَا لَمْ تَكُنِ الْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ وَاضِحَةً فَلْيَتَمَسَّكْ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَيَدْخُلُ فِي تَكَلُّفِ الْقِيَاسِ مَا إِذَا اسْتَعْمَلَهُ عَلَى أَوْضَاعِهِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ، وَمَا إِذَا وَجَدَ النَّصَّ فَخَالَفَهُ وَتَأَوَّلَ لِمُخَالَفَتِهِ شَيْئًا بَعِيدًا. وَيَشْتَدُّ الذَّمُّ فِيهِ لِمَنْ يَنْتَصِرُ لِمَنْ يُقَلِّدُهُ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَوَّلُ اطَّلَعَ عَلَى النَّصِّ.
قَوْلُهُ: ﴿وَلا تَقْفُ﴾ لَا تَقُلْ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) احْتَجَّ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ ذَمِّ التَّكَلُّفِ بِالْآيَةِ، وَتَفْسِيرُ الْقَفْوِ بِالْقَوْلِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ، وَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ لَا تَقُلْ رَأَيْتُ وَلَمْ تَرَ وَسَمِعْتُ وَلَمْ تَسْمَعْ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ الِاتِّبَاعُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ مُوسَى وَالْخَضِرِ فَانْطَلَقَ يَقْفُو أَثَرَهُ: أَيْ يَتْبَعُهُ، وَفِي حَدِيثِ الصَّيْدِ يَقْتَفِي أَثَرَهُ: أَيْ يَتْبَعُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْنَاهُ لَا تَتَّبِعْ مَا لَا تَعْلَمُ وَمَا لَا يَعْنِيكَ، وَقَالَ الرَّاغِبُ: الِاقْتِفَاءُ: اتِّبَاعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute