آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ) يَعْنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يُوسُفَ لَمْ يَذْكُرْ آلَ إِبْرَاهِيمَ عَنِ اللَّيْثِ وَذَكَرَهَا أَبُو صَالِحٍ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ) هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ دِينَارٍ.
قَوْلُهُ: (وَالدَّرَاوَرْدِيُّ) هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ يَزِيدَ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ شَيْخُ اللَّيْثِ فِيهِ، وَمُرَادُهُ أَنَّهُمَا رَوَيَاهُ بِإِسْنَادِ اللَّيْثِ، فَذَكَرَ آلَ إِبْرَاهِيمَ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ. وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ أَجْلِ قَوْلِهِ فِيهِ: وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَجَابَ مَنْ مَنَعَ بِأَنَّ الْجَوَازَ مُقَيَّدٌ بِمَا إِذَا وَقَعَ تَبَعًا، وَالْمَنْعُ إِذَا وَقَعَ مُسْتَقِلًّا، وَالْحُجَّةُ فِيهِ أَنَّهُ صَارَ شِعَارًا لِلنَّبِيِّ ﷺ فَلَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِيهِ، فَلَا يُقَالُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ ﷺ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ صَحِيحًا، وَيُقَالُ: صَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَعَلَى صِدِّيقِهِ أَوْ خَلِيفَتِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُقَالُ: قَالَ مُحَمَّدٌ ﷿ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ صَحِيحًا، لِأَنَّ هَذَا الثَّنَاءَ صَارَ شِعَارا للَّهِ سُبْحَانَهُ فلَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِيهِ. وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ أَجَازَ ذَلِكَ مُنْفَرِدًا فِيمَا وَقَعَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ وَلَا فِي قَوْلِهِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى وَلَا فِي قَوْلِ امْرَأَةِ جَابِرٍ صَلِّ عَلَيَّ وَعَلَى زَوْجِي، فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمَا فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ وَقَعَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ. وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَتَفَضَّلَ مِنْ حَقِّهِ بِمَا شَاءَ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ إِذْنٌ فِي ذَلِكَ. وَيُقَوِّي الْمَنْعَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ ﷺ صَارَ شِعَارًا لِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ يُصَلُّونَ عَلَى مَنْ يُعَظِّمُونَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَغَيْرِهِمْ.
وَهَلِ الْمَنْعُ فِي ذَلِكَ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى؟ حَكَى الْأَوْجُهَ الثَّلَاثَةَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ وَصَحَّحَ الثَّانِي. وَقَدْ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ لَهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَتَبَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ نَاسًا مِنَ النَّاسِ الْتَمَسُوا عَمَلَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ، وَإِنَّ نَاسًا مِنَ الْقُصَّاصِ أَحْدَثُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى خُلَفَائِهِمْ وَأُمَرَائِهِمْ عَدْلَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَمُرْهُمْ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُمْ عَلَى النَّبِيِّينَ، وَدُعَاؤُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ، وَيَدَعُوا مَا سِوَى ذَلِكَ ثُمَّ أَخْرَجَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ: لَا تَصْلُحُ الصَّلَاةُ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَلَكِنْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الِاسْتِغْفَارُ وَذَكَرَ أَبُو ذَرٍّ أَنَّ الْأَمْرَ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ كَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَقِيلَ مِنْ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ.
١١ - بَاب ﴿لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى﴾
٤٧٩٩ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدٍ، وَخِلَاسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾.
قَوْلُهُ: بَابُ ﴿لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى﴾: ذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ قِصَّةِ مُوسَى مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِسَنَدِهِ مُطَوَّلًا فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ مَعَ شَرْحِهِ مُسْتَوْفًى، وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ فِي مُسْنَدِهِ وَالطَّبَرِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: صَعِدَ مُوسَى وَهَارُونُ الْجَبَلَ، فَمَاتَ هَارُونُ، فَقَالَ: بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: أَنْتَ قَتَلْتَهُ، كَانَ أَلْيَنَ لَنَا مِنْكَ وَأَشَدَّ حُبًّا فَآذَوْهُ بِذَلِكَ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ فَحَمَلَتْهُ فَمَرَّتْ بِهِ عَلَى مَجَالِسِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَعَلِمُوا بِمَوْتِهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُرَادَ بِالْأَذَى فِي قَوْلِهِ: ﴿لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute