حَدِيثَ عُمَرَ حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَبْوَابٍ.
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: مَا كَانَ مِنَ الْحَمْلِ عَلَى الْخَيْلِ تَمْلِيكًا لِلْمَحْمُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: هُوَ لَكَ فَهُوَ كَالصَّدَقَةِ، فَإِذَا قَبَضَهَا لَمْ يَجُزِ الرُّجُوعُ فِيهَا، وَمَا كَانَ مِنْهُ تَحْبِيسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ كَالْوَقْفِ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْحَبْسَ بَاطِلٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ انْتَهَى.
وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ الْإِشَارَةَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِجَوَازِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، وَلَوْ كَانَتْ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَإِلَّا فَقَدْ قَدَّمْنَا تَقْرِيرَ أَنَّ الْحَمْلَ الْمَذْكُورَ فِي قِصَّةِ عُمَرَ كَانَ تَمْلِيكًا، وَأَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: كَانَ تَحْبِيسًا احْتِمَالٌ بَعِيدٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَسْطٍ لِذَلِكَ قَرِيبًا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(خَاتِمَةٌ) اشْتَمَلَ كِتَابُ الْهِبَةِ وَمَا مَعَهَا مِنْ أَحَادِيثِ الْعُمْرَى وَالْعَارِيَّةِ عَلَى تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ حَدِيثًا مِائَةٍ إِلَّا وَاحِدًا، الْمُعَلَّقُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ، وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ، الْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى ثَمَانِيَةٌ وَسِتُّونَ حَدِيثًا، وَالْخَالِصُ أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ، وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ، وَحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي الْهَدِيَّةِ، وَحَدِيثِ أَنَسٍ فِي الطِّيبِ، وَحَدِيثِ عَائِشَةَ كَانَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ، وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ أُهْدِيَتْ لَهُ هَدِيَّةٌ فَجُلَسَاؤُهُ شُرَكَاؤُهُ، وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ فِي سَتْرِ بَابِهَا، وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ صُهَيْبٍ، وَحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الدِّرْعِ، وَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي الْأَرْبَعِينَ خَصْلَةً. وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَثَرًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
﷽
٥٢ - كِتَاب الشَّهَادَات
قَوْلُهُ: (كِتَابُ الشَّهَادَاتِ) هِيَ جَمْعُ شَهَادَةٍ، وَهِيَ مَصْدَرُ شَهِدَ يَشْهَدُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الشَّهَادَةُ خَبَرٌ قَاطِعٌ، وَالْمُشَاهَدَةُ الْمُعَايَنَةُ، مَأْخُوذَةٌ مِنَ الشُّهُودِ أَيِ الْحُضُورِ ; لِأَنَّ الشَّاهِدَ مُشَاهِدٌ لِمَا غَابَ عَنْ غَيْرِهِ، وَقِيلَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْأعْلَامِ.
١ - باب مَا جَاءَ فِي الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute