للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (بَابُ هَلْ يُعْفَى عَنِ الذِّمِّيِّ إِذَا سَحَرَ) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَا يُقْتَلُ سَاحِرُ أَهْلِ الْعَهْدِ لَكِنْ يُعَاقَبُ، إِلَّا إِنْ قَتَلَ بِسِحْرِهِ فَيُقْتَلُ، أَوْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَيُؤْخَذُ بِهِ. وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ أَدْخَلَ بِسِحْرِهِ ضَرَرًا عَلَى مُسْلِمٍ نُقِضَ عَهْدُهُ بِذَلِكَ. وَقَالَ أَيْضًا: يُقْتَلُ السَّاحِرُ وَلَا يُسْتَتَابُ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ كَالزِّنْدِيقِ. وَقَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إِلَخْ وَصَلَهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي جَامِعِهِ هَكَذَا.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: تَرْجَمَ بِلَفْظِ الذِّمِّيِّ وَسُئِلَ الزُّهْرِيُّ بِلَفْظِ أَهْلِ الْعَهْدِ وَأَجَابَ بِلَفْظِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَالْأَوَّلَانِ مُتَقَارِبَانِ، وَأَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ فَمُرَادُهُ مَنْ لَهُ مِنْهُمْ عَهْدٌ، وَكَانَ الْأَمْرُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: لَا حُجَّةَ لِابْنِ شِهَابٍ فِي قِصَّةِ الَّذِي سَحَرَ النَّبِيَّ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ، وَلِأَنَّ السِّحْرَ لَمْ يَضُرَّهُ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْوَحْيِ وَلَا فِي بَدَنِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ اعْتَرَاهُ شَيْءٌ مِنَ التَّخَيُّلِ، وَهَذَا كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ عِفْرِيتًا تَفَلَّتَ عَلَيْهِ لِيَقْطَعَ صَلَاتَهُ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا نَالَهُ مِنْ ضَرَرِ السِّحْرِ مَا يَنَالُ الْمَرِيضَ مِنْ ضَرَرِ الْحُمَّى. قُلْتُ: وَلِهَذَا الِاحْتِمَالِ لَمْ يَجْزِمِ الْمُصَنِّفُ بِالْحُكْمِ.

ثُمَّ ذَكَرَ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ سُحِرَ وَأَشَارَ بِالتَّرْجَمَةِ إِلَى مَا وَقَعَ فِي بَقِيَّةِ الْقِصَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ لَمَّا عُوفِيَ أَمَرَ بِالْبِئْرِ فَرُدِمَتْ وَقَالَ: كَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى شَرْحِهِ مُسْتَوْفًى حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَامًّا فِي كِتَابِ الطِّبِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

١٥ - بَاب مَا يُحْذَرُ مِنْ الْغَدْرِ

وَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ﴾ الآية

٣١٧٦ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ قَالَ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ - وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ - فَقَالَ: اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنْ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُحْذَرُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مُخَفَّفًا وَمُثَقَّلًا (مِنَ الْغَدْرِ).

قَوْلُهُ: (وَقَوْلُ اللَّهِ ﷿ ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ﴾ الْآيَةَ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى لَفْظِ الْغَدْرِ، وَحَسْبُ بِإِسْكَانِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ كَافٍ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ احْتِمَالَ طَلَبِ الْعَدُوِّ لِلصُّلْحِ خَدِيعَةً لَا يَمْنَعُ مِنَ الْإِجَابَةِ إِذَا ظَهَرَ لِلْمُسْلِمِينَ، بَلْ يُعْزَمُ وَيُتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ.

قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ شَامِيُّونَ إِلَّا شَيْخَ الْبُخَارِيِّ، وَفِي تَصْرِيحِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ بِالسَّمَاعِ لَهُ مِنْ بُسْرٍ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ دُحَيْمٍ، عَنِ الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَزَادَ فِي الْإِسْنَادِ زَيْدَ بْنَ وَاقِدٍ فَهُوَ مِنَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طُرُقٍ لَيْسَ فِيهَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ.

قَوْلُهُ: (أَتَيْتُ النَّبِيَّ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ) زَادَ فِي رِوَايَةِ الْمُؤَمَّلِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنِ الْوَلِيدِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ