للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ. فَقَالَ ادْخُلْ. فَقُلْتُ: أَكُلِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: كُلُّكَ. فَدَخَلْتُ فَقَالَ الْوَلِيدُ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مِنْ صِغَرِ الْقُبَّةِ.

قَوْلُهُ: (سِتًّا) أَيْ سِتَّ عَلَامَاتٍ لِقِيَامِ السَّاعَةِ، أَوْ لِظُهُورِ أَشْرَاطِهَا الْمُقْتَرِبَةِ مِنْهَا.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ مُوتَانِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، قَالَ الْقَزَّازُ: هُوَ الْمَوْتُ. وَقَالَ غَيْرُهُ الْمَوْتُ الْكَثِيرُ الْوُقُوعِ، وَيُقَالُ بِالضَّمِّ لُغَةُ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ يَفْتَحُونَهَا. وَيُقَالُ لِلْبَلِيدِ مَوْتَانُ الْقَلْبِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالسُّكُونِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يَغْلَطُ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ فَيَقُولُ مَوَتَانٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْوَاوِ، وَإِنَّمَا ذَاكَ اسْمُ الْأَرْضِ الَّتِي لَمْ تُحْيَا بِالزَّرْعِ وَالْإِصْلَاحِ.

(تَنْبِيهٌ):

فِي رِوَايَةِ ابْنِ السَّكَنِ ثُمَّ مَوْتَتَانِ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ.

قَوْلُهُ: (كَعُقَاصِ الْغَنَمِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ (١) وَتَخْفِيفُ الْقَافِ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ، هُوَ دَاءٌ يَأْخُذُ الدَّوَابَّ فَيَسِيلُ مِنْ أُنُوفِهَا شَيْءٌ فَتَمُوتُ فَجْأَةً. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَمِنْهُ أُخِذَ الْإِقْعَاصُ وَهُوَ الْقَتْلُ مَكَانَهُ. وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: الْعِقَاصُ دَاءٌ يَأْخُذُ فِي الصَّدْرِ كَأَنَّهُ يَكْسِرُ الْعُنُقَ. وَيُقَالُ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ ظَهَرَتْ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ فَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ) أَيْ كَثْرَتُهُ، وَظَهَرَتْ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ عِنْدَ تِلْكَ الْفُتُوحِ الْعَظِيمَةِ، وَالْفِتْنَةُ الْمُشَارُ إِلَيْهَا افْتُتِحَتْ بِقَتْلِ عُثْمَانَ، وَاسْتَمَرَّتِ الْفِتَنُ بَعْدَهُ، وَالسَّادِسَةُ لَمْ تَجِئْ بَعْدُ.

قَوْلُهُ: (هُدْنَةٌ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا نُونٌ هِيَ الصُّلْحُ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ بَعْدَ التَّحَرُّكِ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (بَنِي الْأَصْفَرِ) هُمُ الرُّومُ.

قَوْلُهُ: (غَايَةٍ) أَيْ رَايَةٍ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا غَايَةُ الْمُتَّبِعِ إِذَا وَقَفَتْ وَقَفَ. وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ ذِي مِخْبَرٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فِي نَحْوِ هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِ رَايَةٍ بَدَلَ غَايَةٍ.

وَفِي أَوَّلِهِ سَتُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا أَمْنًا، ثُمَّ تَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا فَتُنْصَرُونَ، ثُمَّ تَنْزِلُونَ مَرْجًا فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الصَّلِيبِ الصَّلِيبَ، فَيَقُولُ: غَلَبَ الصَّلِيبُ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَقُومُ إِلَيْهِ فَيَدْفَعُهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ وَيَجْتَمِعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ فَيَأْتُونَ فَذَكَرَهُ. وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: إِذَا وَقَعَتِ الْمَلَاحِمُ بَعَثَ اللَّهُ بَعْثًا مِنَ الْمَوَالِي يُؤَيِّدُ اللَّهُ بِهِمُ الدِّينَ، وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مَرْفُوعًا: الْمَلْحَمَةُ الْكُبْرَى وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَخُرُوجُ الدَّجَّالِ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ، وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رَفَعَهُ: بَيْنَ الْمَلْحَمَةِ وَفَتْحِ الْمَدِينَةِ سِتُّ سِنِينَ، وَيَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي السَّابِعَةِ وَإِسْنَادُهُ أَصَحُّ مِنْ إِسْنَادِ حَدِيثِ مُعَاذٍ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: رَوَاهُ بَعْضُهُمْ غَابَةٍ بِمُوَحَّدَةٍ بَدَلَ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْغَابَةُ الْأَجَمَةُ كَأَنَّهُ شَبَّهَ كَثْرَةَ الرِّمَاحِ بِالْأَجَمَةِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْغَابَةُ الْغَيْضَةُ، فَاسْتُعِيرَتْ لِلرَّايَاتِ تُرْفَعُ لِرُؤَسَاءِ الْجَيْشِ لِمَا يُشْرَعُ مَعَهَا مِنَ الرِّمَاحِ، وَجُمْلَةُ الْعَدَدِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ تِسْعُمِائَةِ أَلْفٍ وَسِتُّونَ أَلْفًا، وَلَعَلَّ أَصْلَهُ أَلْفُ أَلْفٍ فَأُلْغِيَتْ كُسُورُهُ.

وَوَقَعَ مِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ذِي مِخْبَرٍ، وَلَفْظُهُ: فَيَجْتَمِعُونَ لِلْمَلْحَمَةِ، فَيَأْتُونَ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَابَةً تَحْتَ كُلِّ غَابَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: تَذَاكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ وَشَيْخُنَا مِنْ شُيُوخِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَكَانَ فَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ عُمْرَانَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ: الْمُهَلَّبُ فِيهِ أَنَّ الْغَدْرَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ. وَفِيهِ أَشْيَاءُ مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ قَدْ ظَهَرَ أَكْثَرُهَا. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: أَمَّا قِصَّةُ الرُّومِ فَلَمْ يَجْتَمِعْ إِلَى الْآنَ وَلَا بَلَغَنَا أَنَّهُمْ غَزَوْا فِي الْبَرِّ فِي هَذَا الْعَدَدِ فَهِيَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَمْ تَقَعْ بَعْدُ. وَفِيهِ بِشَارَةٌ وَنِذَارَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُؤْمِنِينَ مَعَ كَثْرَةِ ذَلِكَ الْجَيْشِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ عَدَدَ جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ سَيَكُونُ


(١) في هامش طبعة بولاق: كذا في نسخ الشارح التي بأيدينا، والذي في نسخ البخاري بتقديم القاف على العين، وبه ضبط القسطلاني، وهو المنصوص في كتب اللغة والمتعين من قول أبي عبيد، ومنه أخذ الاقعاص.