سَاكِتٍ وَهُوَ سَاخِطٌ، وَكَمْ مِنْ شَاكٍّ وَهُوَ رَاضٍ، فَالْمُعَوَّلُ فِي ذَلِكَ عَلَى عَمَلِ الْقَلْبِ لَا عَلَى نُطْقِ اللِّسَانِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الحديث الثالث حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ قَرِيبًا. وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: فَمَسْتُهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَوُجِّهَتْ بِأَنَّ هُنَاكَ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ فَسَمِعْتُ أَنِينَهُ.
الحديث الرابع حَدِيثُ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ.
قَوْلُهُ: (مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْوَصَايَا، وَقَوْلُهُ: زَمَنُ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ قَالَ فِي رِوَايَتِهِ: إنَّ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الْفَتْحِ، وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
١٧ - بَاب قَوْلِ الْمَرِيضِ قُومُوا عَنِّي
٥٦٦٩ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ. ح، وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄، قَالَ: لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ. فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ، وَعِنْدَكُمْ الْقُرْآنُ حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ فَاخْتَصَمُوا. مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ النَّبِيُّ ﷺ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ. فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالِاخْتِلَافَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: قُومُوا. قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنْ اخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ الْمَرِيضِ قُومُوا عَنِّي) أَيْ إِذَا وَقَعَ مِنَ الْحَاضِرِينَ عِنْدَهُ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (هِشَامٌ) هُوَ ابْنُ يُوسُفَ الصَّنْعَانِيِّ، وَقَوْلُهُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ الْمُسْنَدِيُّ، وَسَاقَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى لَفْظِ هِشَامٍ، وَسَبَقَ لَفْظُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي، وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ، وَوَقَعَ هُنَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: قُومُوا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: قُومُوا عَنِّي، وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِلتَّرْجَمَةِ، وَلَمْ أَسْتَحْضِرْهُ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي الْمَغَازِي، فَنَسَبْتُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لِابْنِ سَعْدٍ، وَعَزْوُهَا لِلْبُخَارِيِّ أَوْلَى. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَدَبَ فِي الْعِيَادَةِ أَنْ لَا يُطِيلَ الْعَائِدُ عِنْدَ الْمَرِيضِ حَتَّى يُضْجِرَهُ، وَأَنْ لَا يَتَكَلَّمُ عِنْدَهُ بِمَا يُزْعِجُهُ. وَجُمْلَةُ آدَابِ الْعِيَادَةِ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ، وَمِنْهَا مَا لَا يَخْتَصُّ بِالْعِيَادَةِ: أَنْ لَا يُقَابِلَ الْبَابَ عِنْدَ الِاسْتِئْذَانِ، وَأَنْ يَدُقَّ الْبَابِ بِرِفْقٍ، وَأَنْ لَا يُبْهِمَ نَفْسَهُ كَأَنْ يَقُولَ أَنَا، وَأَنْ لَا يَحْضُرَ فِي وَقْتٍ يَكُونُ غَيْرَ لَائِقٍ بِالْعِيَادَةِ كَوَقْتِ شُرْبِ الْمَرِيضِ الدَّوَاءَ، وَأَنْ يُخَفِّفَ الْجُلُوسَ، وَأَنْ يَغُضَّ الْبَصَرَ، وَيُقَلِّلَ السُّؤَالَ، وَأَنْ يُظْهِرَ الرِّقَّةَ، وَأَنْ يُخْلِصَ الدُّعَاءَ، وَأَنْ يُوَسِّعَ لِلْمَرِيضِ فِي الْأَمَلِ، وَيُشِيرَ عَلَيْهِ بِالصَّبْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ جَزِيلِ الْأَجْرِ، وَيُحَذِّرُهُ مِنَ الْجَزَعِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْوِزْرِ.
قَوْلُهُ: (وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِنَّ الرَّزِيَّةَ) سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ.
١٨ - بَاب مَنْ ذَهَبَ بِالصَّبِيِّ الْمَرِيضِ لِيُدْعَى لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute