يَذْكُرِ الْأُولَى، لِأَنَّهَا افْتِتَاحَ الصَّلَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ سُنَّةِ الصَّلَاةِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ أَنَسًا قَالَ: أَوَلَيْسَ التَّكْبِيرُ ثَلَاثًا؟ فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ التَّكْبِيرُ أَرْبَعًا. قَالَ: أَجَلْ، غَيْرَ أَنَّ وَاحِدَةً هِيَ افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ قَالَ: يَزِيدُ فِي التَّكْبِيرِ عَلَى أَرْبَعٍ إِلَّا ابْنَ أَبِي لَيْلَى. انْتَهَى. وَفِي الْمَبْسُوطِ لِلْحَنَفِيَّةِ قِ لَ: إِنَّ أَبَا يُوسُفَ قَالَ: يُكَبَّرُ خَمْسًا.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ عَنْ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ. ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ إِيرَادِ مَنْ تَعَقَّبَهُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّجَاشِيِّ صَلَاةٌ عَلَى غَائِبٍ لَا عَلَى جِنَازَةٍ، وَمُحَصِّلُ الْجَوَابِ أَنَّ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي الْأَفْرَادِ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا. وَقَالَ: لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ أَرْبَعًا إِلَّا فِي هَذَا.
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وعبد الصمد عَنْ سَلِيمٍ: أَصْحَمَةَ، وَتَابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ سُلَيْمٍ) يَعْنِي بِإِسْنَادِهِ إِلَى جَابِرٍ (أَصْحَمَةُ) وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَقَالَ يَزِيدُ، عَنْ سُلَيْمٍ: أَصْحَمَةُ. وَتَابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ، أَمَّا رِوَايَةُ يَزِيدَ فَوَصَلَهَا الْمُصَنِّفُ فِي هِجْرَةِ الْحَبَشَةِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ، وَأَمَّا رِوَايَةُ عَبْدِ الصَّمَدِ فَوَصَلَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْهُ.
(تَنْبِيهٌ): وَقَعَ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ الَّتِي اتَّصَلَتْ لَنَا مِنَ الْبُخَارِيِّ، أَصْحَمَةُ بِمُهْمَلَتَيْنِ بِوَزْنِ أَفْعَلَةُ مَفْتُوحُ الْعَيْنِ فِي الْمُسْنَدِ وَالْمُعَلَّقِ مَعًا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إِيرَادَ الْمُصَنِّفِ يُشْعِرُ بِأَنْ يَزِيدَ خَالَفَ مُحَمَّدَ بْنَ سِنَانٍ، وَأَنَّ عَبْدَ الصَّمَدِ تَابَعَ يَزِيدَ، وَوَقَعَ فِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ: صَحْمَةُ؛ بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِ الْحَاءِ، فَهَذَا مُتَّجَهٌ، وَيَتَحَصَّلُ مِنْهُ أَنَّ الرُّوَاةَ اخْتَلَفُوا فِي إِثباتِ الْأَلِفِ وَحَذْفِهَا. وَحَكَى الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الصَّمَدِ: أَصْخَمَةُ؛ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَإِثْبَاتِ الْأَلِفِ، قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ. وَحَكَى كَثِيرٌ مِنَ الشُّرَّاحِ أَنَّ رِوَايَةَ يَزِيدَ وَرَفِيقِهِ: صَحْمَةُ؛ بِالْمُهْمَلَةِ بِغَيْرِ أَلِفٍ. وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ: أَصْحَبَةُ؛ بِمُوَحَّدَةٍ بَدَلَ الْمِيمِ.
٦٥ - بَاب قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى الْجَنَازَةِ
وَقَالَ الْحَسَنُ: يَقْرَأُ عَلَى الطِّفْلِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا وَسَلَفًا وَأَجْرًا
١٣٣٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ طَلْحَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ عَلَى جَنَازَةٍ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. قَالَ: لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى الْجِنَازَةِ) أَيْ مَشْرُوعِيَّتُهَا، وَهِيَ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا، وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ مَشْرُوعِيَّتَهَا، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. وَنُقِلَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ: لَيْسَ فِيهَا قِرَاءَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْكُوفِيِّينَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحَسَنُ إِلَخْ) وَصَلَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ لَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الصَّبِيِّ، فَأَخْبَرَهُمْ عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ ثُمَّ يَقْرَأُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا سَلَفًا وَفَرَطًا وَأَجْرًا. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: السُّنَّةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يُكَبِّرَ ثُمَّ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، ثُمَّ يُصَلِّيَ