مِنَ الْكَمِّيَّةِ، وَالثَّانِي مِنَ الْكَيْفِيَّةِ، وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَحَدِيثِهَا لِلْأَبْوَابِ الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ جِهَةِ التَّفَاوُتِ فِي الْكَيْفِيَّةِ وَمِنْ جِهَةِ جَوَازِ نِسْبَةِ الْقِرَاءَةِ لِلْقَارِئِ.
٥٤ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ. يُقَالُ: مُيَسَّرٌ: مُهَيَّأٌ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ بِلِسَانِكَ: هَوَّنَّا قِرَاءَتَهُ عَلَيْكَ.
وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ قَالَ: هَلْ مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ فَيُعَانَ عَلَيْهِ
٧٥٥١ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ يَزِيدُ: حَدَّثَنِي مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: فِيمَا يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ؟ قَالَ: كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ.
٧٥٥٢ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشِ سَمِعَا سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ فِي جَنَازَةٍ فَأَخَذَ عُودًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ فَقَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنْ الجنة أَوْ مِنْ النار، قَالُوا: أَلَا نَتَّكِلُ؟ قَالَ: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ، ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾ الْآيَةَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ قِيلَ: المراد بالذكر: الْأَذْكَارُ وَالِاتِّعَاظُ، وَقِيلَ: الْحِفْظُ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ) فَذَكَرَهُ مَوْصُولًا فِي الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ بِلِسَانِكَ هَوَّنَّاهُ عَلَيْكَ) فِي رِوَايَةٍ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ: هَوَّنَّا قِرَاءَتَهُ عَلَيْكَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْوَاوِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ مِنَ التَّهْوِينِ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ وَرْقَاءَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾ قَالَ: هَوَّنَّاهُ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ تَيْسِيرُ الْقُرْآنِ: تَسْهِيلُهُ عَلَى لِسَانِ الْقَارِئِ حَتَّى يُسَارِعَ إِلَى قِرَاءَتِهِ، فَرُبَّمَا سَبَقَ لِسَانَهُ فِي الْقِرَاءَةِ فَيُجَاوِزُ الْحَرْفَ إِلَى مَا بَعْدَهُ وَيَحْذِفُ الْكَلِمَةَ حِرْصًا عَلَى مَا بَعْدَهَا انْتَهَى. وَفِي دُخُولِ هَذَا فِي الْمُرَادِ نَظَرٌ كَبِيرٌ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ قَالَ: هَلْ مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ فَيُعَانُ عَلَيْهِ، وَقَعَ هَذَا التَّعْلِيقُ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ، وَثَبَتَ أَيْضًا لِلْجُرْجَانِيِّ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ، وَوَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ عَنْ مَطَرٍ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ طَرِيقِ ضَمْرَةَ. ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ؟ قَالَ: كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ فِيهِ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُعْرَفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَلِمَ يَعْمَلِ الْعَامِلُونَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ، وَيَزِيدُ شَيْخُ عَبْدِ الْوَارِثِ فِيهِ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِالرِّشْكِ، وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرِّشْكُ فَذَكَرَهُ.
وَحَدِيثُ عَلِيٍّ ﵁ وَفِيهِ: وَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ أَوْ مِنَ الْجَنَّةِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ أَيْضًا وَفِيهِ: وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ الَّذِي قَبْلَهُ كُلٌّ مُيَسَّرٌ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ كَلَامِ اللَّهِ مَعَ أَهْلِ