للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمِنْبَرِ وَلَا تَحْوِيلَ فِيهِ وَلَا اسْتِقْبَالَ، وَالِاجْتِزَاءُ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ عَنْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَلَيْسَ فِي السِّيَاقِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَوَاهَا مَعَ الْجُمُعَةِ، وَفِيهِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ فِي إِجَابَةِ اللَّهِ دُعَاءَ نَبِيِّهِ Object عَقِبَهُ أَوْ مَعَهُ ابْتِدَاءً فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَانْتِهَاءً فِي الِاسْتِصْحَاءِ وَامْتِثَالِ السَّحَابِ أَمْرَهُ بِمُجَرَّدِ الْإِشَارَةِ، وَفِيهِ الْأَدَبُ فِي الدُّعَاءِ حَيْثُ لَمْ يَدْعُ بِرَفْعِ الْمَطَرِ مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ الِاحْتِيَاجِ إِلَى اسْتِمْرَارِهِ فَاحْتَرَزَ فِيهِ بِمَا يَقْتَضِي رَفْعَ الضَّرَرِ وَبَقَاءَ النَّفْعِ، وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِنِعْمَةٍ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَسَخَّطَهَا لِعَارِضٍ يَعْرِضُ فِيهَا، بَلْ يَسْأَلُ اللَّهَ رَفْعَ ذَلِكَ

الْعَارِضِ وَإِبْقَاءَ النِّعْمَةِ. وَفِيهِ أَنَّ الدُّعَاءَ بِرَفْعِ الضَّرَرِ لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ وَإِنْ كَانَ مَقَامُ الْأَفْضَلِ التَّفْوِيض (١)؛ لِأَنَّهُ Object كَانَ عَالِمًا بِمَا وَقَعَ لَهُمْ مِنَ الْجَدْبِ، وَأَخَّرَ السُّؤَالَ فِي ذَلِكَ تَفْوِيضًا لِرَبِّهِ، ثُمَّ أَجَابَهُمْ إِلَى الدُّعَاءِ لَمَّا سَأَلُوهُ فِي ذَلِكَ بَيَانًا لِلْجَوَازِ وَتَقْرِيرَ السُّنَّةِ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ الْخَاصَّةِ، أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ. وَفِيهِ جَوَازُ تَبَسُّمِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ تَعَجُّبًا مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ، وَجَوَازُ الصِّيَاحِ فِي الْمَسْجِدِ بِسَبَبِ الْحَاجَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِذَلِكَ. وَفِيهِ الْيَمِينُ لِتَأْكِيدِ الْكَلَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَرَى عَلَى لِسَانِ أَنَسٍ بِغَيْرِ قَصْدِ الْيَمِينِ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِسْقَاءِ بِغَيْرِ صَلَاةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَعَلَى أَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ لَا تُشْرَعُ فِيهِ صَلَاةٌ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَالَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَكَرِهَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَمَّا الثَّانِي فَقَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مُجَرَّدُ دُعَاءٍ لَا يُنَافِي مَشْرُوعِيَّةَ الصَّلَاةِ لَهَا، وَقَدْ بُيِّنَتْ فِي وَاقِعَةٍ أُخْرَى كَمَا تَقَدَّمَ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِدُعَاءِ الْإِمَامِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ قَالَهُ ابْنُ بَطَّالٍ، وَتُعُقِّبَ بِمَا سَيَأْتِي فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ Object يَدْعُونَ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الدَّعَوَاتِ عَلَى رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي كُلِّ دُعَاءٍ.

وَفِي الْبَابِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ جَمَعَهَا الْمُنْذِرِيُّ فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ وَأَوْرَدَ مِنْهَا النَّوَوِيُّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَدْرَ ثَلَاثِينَ حَدِيثًا، وَسَنَذْكُرُ وَجْهَ الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْلِ أَنَسٍ كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ بَعْدَ أَرْبَعَةَ عَشْرَ بَابًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِيهِ جَوَازُ الدُّعَاءِ بِالِاسْتِصْحَاءِ لِلْحَاجَةِ، وَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ الْبُخَارِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ.

٧ - بَاب الِاسْتِسْقَاءِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةِ

١٠١٤ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ باب دَارِ الْقَضَاءِ وَرَسُولُ اللَّهِ Object قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ Object قَائِمًا ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ، وَانْقَطَعْتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ Object يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، قَالَ أَنَسٌ: وَلَا وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةً وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ، قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ فَلَمَّا تَوَسَّطَتْ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ، فَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ Object قَائِمٌ يَخْطُبُ


(١) في هذا نظر. والصواب أن أخذ بالأسباب والبدار بالدعاء والاستعانة عند الحاجة أولى وأفضل من التفويض، وسيرته Object وسيرة أصحابه Object، ولعله إنما أخر الدعاء لأسباب اقتضت ذلك غير التفويض، فلما ساله هذا السائل بادر باجابته، وذلك عن إذن الله سبحانه وتشريعه، لأنه Object لاينطق عن الهوى ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾، والله أعلم