الْمَحَامِلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جَابِرٍ: نَكَحَ بَعْضُ أَهْلِ الْأَنْصَارِ بَعْضَ أَهْلِ عَائِشَةَ فَأَهْدَتْهَا إِلَى قُبَاءٍ، وَكُنْتُ ذَكَرْتُ فِي الْمُقَدِّمَةِ تَبَعًا لِابْنِ الْأَثِيرِ فِي أُسْدِ الْغَابَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ: إِنَّ اسْمَ هَذِهِ الْيَتِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْفَارِعَةُ بِنْتُ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، وَأَنَّ اسْمَ زَوْجِهَا نُبَيْطُ بْنُ جَابِرٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ الْفَارِعَةِ: أَنَّ أَبَاهَا أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ أَوْصَى بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نُبَيْطَ بْنَ جَابِرٍ، ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ الْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ الْمَوْصِلِيِّ حَدِيثَ عَائِشَةَ الَّذِي ذَكَرْتُهُ أَوَّلًا مِنْ طَرِيقِ بَهِيَّةَ عَنْهَا، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ الْيَتِيمَةُ هِيَ الْفَارِعَةُ الْمَذْكُورَةُ، كَذَا قَالَ، وَهُوَ مُحْت مِلٌ، لَكِنْ مَنَعَ مِنْ تَفْسِيرِهَا بِهَا مَا وَقَعَ مِنَ الزِّيَادَةِ أَنَّهَا كَانَتْ قَرَابَةَ عَائِشَةَ فَيَجُوزُ التَّعَدُّدُ، وَلَا يَبْعُدُ تَفْسِيرُ الْمُبْهَمَةِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِالْفَارِعَةِ إِذْ لَيْسَ فِيهِ تَقْيِيدٌ بِكَوْنِهَا قَرَابَةَ عَائِشَةَ.
قَوْلُهُ (مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ) فِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ، فَقَالَ: فَهَلْ بَعَثْتُمْ مَعَهَا جَارِيَةً تَضْرِبُ بِالدُّفِّ وَتُغَنِّي؟ قُلْتُ:: تَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ: تَقُولُ:
أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ … فَحَيَّانَا وَحَيَّاكُمْ
وَلَوْلَا الذَّهَبُ الْأَحْمَ … رُ مَا حَلَّتْ بِوَادِيكُمْ
وَلَوْلَا الْحِنْطَةُ السَّمْرَا … ءُ مَا سَمِنَتْ عَذَارِيكُمْ
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ بَعْضُهُ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوَّلُهُ إِلَى قَوْلِهِ وَحَيَّاكُمْ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الْأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْوُ) فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ قَوْمٌ فِيهِمْ غَزَلٌ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ الْمَحَامِلِيِّ أَدْرِكِيهَا يَا زَيْنَبُ، امْرَأَةٌ كَانَتْ تُغَنِّي بِالْمَدِينَةِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ تَسْمِيَةُ الْمُغَنِّيَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْقِصَّةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَاضِي فِي الْعِيدَيْنِ؛ حَيْثُ جَاءَ فِيهِ: دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ تُغَنَّيَانِ. وَكُنْتُ ذَكَرْتُ هُنَاكَ أَنَّ اسْمَ إِحْدَاهُمَا حَمَامَةُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْعِيدَيْنِ لَهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَأَنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الْأُخْرَى، وَقَدْ جَوَّزْتُ الْآنَ أَنْ تَكُونَ هِيَ زَيْنَبَ هَذِهِ. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّيْنِ، قَالَ: أَنَّهُ رَخَّصَ لَنَا فِي اللَّهْوِ عِنْدَ الْعُرْسِ. الْحَدِيثَ. وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: وَقِيلَ لَهُ: أَتُرَخِّصُ فِي هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّهُ نِكَاحٌ لَا سِفَاحٌ، أَشِيدُوا النِّكَاحَ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ: أَعْلِنُوا النِّكَاحَ، زَادَ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ، وَلِأَحْمَدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ، وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ وَاضْرِبُوا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَالْأَحَادِيثُ الْقَوِيَّةُ فِيهَا الْإِذْنُ فِي ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ فَلَا يَلْتَحِقُ بِهِنَّ الرِّجَالُ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِهِنَّ.
٦٤ - بَاب الْهَدِيَّةِ لِلْعَرُوسِ
٥١٦٣ - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، واسْمُهُ الْجَعْدُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: مَرَّ بِنَا فِي مَسْجِدِ بَنِي رِفَاعَةَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا مَرَّ بِجَنَبَاتِ أُمِّ سُلَيْمٍ دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَلَّمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ عَرُوسًا بِزَيْنَبَ، فَقَالَتْ لِي أُمُّ سُلَيْمٍ: لَوْ أَهْدَيْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ هَدِيَّةً؟ فَقُلْتُ لَهَا: افْعَلِي.
فَعَمَدَتْ إِلَى تَمْرٍ وَسَمْنٍ وَأَقِطٍ فَاتَّخَذَتْ حَيْسَةً فِي بُرْمَةٍ فَأَرْسَلَتْ بِهَا مَعِي إِلَيْهِ، فَانْطَلَقْتُ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لِي: ضَعْهَا، ثُمَّ أَمَرَنِي، فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute