وَبَيَّنَ أَنَّ تِلَاوَةَ الْآيَةِ مِنْ قَوْلِ سُفْيَانَ. وَوَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَلِيٍّ الْجَزْمُ بِذَلِكَ، لَكِنَّهُ مِنْ أَحَدِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ الْكُوفِيِّ أَحَدِ التَّابِعِينَ، وَبِهِ جَزَمَ إِسْحَاقُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عُرْوَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَكَذَا جَزَمَ بِهِ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَسِيرَ إِلَى مُشْرِكِي قُرَيْشٍ كَتَبَ إِلَيْهِمْ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ يُحَذِّرُهُمْ .. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ الْقُرْآنَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ الْآيَةَ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ أَيْضًا: قَالَ عَمْرٌو، أَيِ ابْنُ دِينَارٍ: وَقَدْ رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي رَافِعٍ، وَكَانَ كَاتِبًا لِعَلِيٍّ.
٢ - بَاب ﴿إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ﴾
٤٨٩١ - حَدَّثَنَي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ ﵂ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الْآيَةِ بِقَوْلِ اللَّهِ تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: قَدْ بَايَعْتُكِ. كَلَامًا، وَلَا وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ، مَا يُبَايِعُهُنَّ إِلَّا بِقَوْلِهِ قَدْ بَايَعْتُكِ عَلَى ذَلِكِ.
تَابَعَهُ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ: عَنْ زُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ.
قَوْلُهُ: بَابُ: ﴿إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ﴾ اتَّفَقُوا عَلَى نُزُولِهَا بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَنَّ سَبَبَهَا مَا تَقَدَّمَ مِنَ الصُّلْحِ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ مَنْ جَاء مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى الْمُسْلِمِينَ يَرُدُّونَهُ إِلَى قُرَيْشٍ، ثُمَّ اسْتَثْنَى اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ النِّسَاءَ بِشَرْطِ الِامْتِحَانِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَنْبَأَنَا يَعْقُوبُ) فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ فَأَمَّا إِسْحَاقُ فَهُوَ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَكَلَامُ أَبِي نُعَيْمٍ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَمَّا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فَهُوَ ابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ.
قَوْلُهُ: (قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ:) هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى شَرْحِهِ فِي أَوَاخِرِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (قَدْ بَايَعْتُكِ كَلَامًا) أَيْ يَقُولُ ذَلِكَ كَلَامًا فَقَطْ، لَا مُصَافَحَةً بِالْيَدِ كَمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِمُصَافَحَةِ الرِّجَالِ عِنْدَ الْمُبَايَعَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا وَاللَّهِ) فِيهِ الْقَسَمُ لِتَأْكِيدِ الْخَبَرِ، وَكَأَنَّ عَائِشَةَ أَشَارَتْ بِذَلِكَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَا جَاءَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ. فَعِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَابْنِ حِبَّانَ، وَالْبَزَّارِ، وَالطَّبَرِيِّ، وَابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي قِصَّةِ الْمُبَايَعَةِ قَالَ: فَمَدَّ يَدَهُ مِنْ خَارِجِ الْبَيْتِ وَمَدَدْنَا أَيْدِينَا مِنْ دَاخِلِ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ. وَكَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي بَعْدَهُ حَيْثُ قَالَ فِيهِ قَبَضَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ يَدَهَا فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُنَّ كُنَّ يُبَايِعْنَهُ بِأَيْدِيهِنَّ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَدَّ الْأَيْدِي مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ إِشَارَةٌ إِلَى وُقُوعِ الْمُبَايَعَةِ وَإِنْ لَمْ تَقَعْ مُصَافَحَةٌ، وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَبْضِ الْيَدِ التَّأَخُّرَ عَنِ الْقَبُولِ، أَوْ كَانَتِ الْمُبَايَعَةُ تَقَعُ بِحَائِلٍ، فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حِينَ بَايَعَ النِّسَاءَ أَتَى بِبُرْدٍ قِطْرِيٍّ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ وَقَالَ: لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ. وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مُرْسَلًا نَحْوُهُ، وَعِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ أَبِي