وَهِيَ الشَّهَادَةُ، وَقَدْ وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ.
ثم ذكر المصنف طرفا من حَدِيث الْبَرَاءِ فِي قِصَّةِ الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ مَعَ شَرْحِهِ فِي الْمَغَازِي.
١١ - بَاب ﴿أَمَنَةً نُعَاسًا﴾
٤٥٦٢ - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَالَ: غَشِيَنَا النُّعَاسُ وَنَحْنُ فِي مَصَافِّنَا يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ: فَجَعَلَ سَيْفِي يَسْقُطُ مِنْ يَدِي وَآخُذُهُ، وَيَسْقُطُ وَآخُذُهُ.
قوله: (باب قوله: ﴿أَمَنَةً نُعَاسًا﴾.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو يَعْقُوبَ) هُوَ بَغْدَادِيٌّ لَقَّبَهُ لُؤْلُؤٌ، وَيُقَالُ: يُؤْيُؤٌ بِتَحْتَانِيَّتَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرُ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ، وَهُوَ ثِقَةٌ بِاتِّفَاقٍ، وَعَاشَ بَعْدَ الْبُخَارِيِّ ثَلَاثَ سِنِينَ، مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ. ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي طَلْحَةَ فِي النُّعَاسِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَتَادَةَ مَعَ شَرْحِهِ.
١٢ - بَاب ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الْقَرْحُ﴾ الْجِرَاحُ، ﴿اسْتَجَابُوا﴾ أَجَابُوا، يَسْتَجِيبُ: يُجِيبُ
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ﴾ سَاقَ الْآيَةَ إِلَى: (عَظِيمٌ).
قَوْلُهُ: (الْقَرْحُ: الْجِرَاحُ) هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلَهُ، وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَرَأَ الْقُرْحُ بِالضَّمِّ. قُلْتُ: وَهِيَ قِرَاءَةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ. وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَقْرَأُهَا بِالْفَتْحِ لَا بِالضَّمِّ قَالَ الْأَخْفَشُ: الْقُرْحُ بِالضَّمِّ وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ، فَالضَّمُّ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالْفَتْحُ لُغَةُ غَيْرِهِمْ كَالضَّعْفِ وَالضُّعْفِ، وَحَكَى الْفَرَّاءُ أَنَّهُ بِالضَّمِّ الْجُرْحُ وَبِالْفَتْحِ أَلَمُهُ، وَقَالَ الرَّاغِبُ: الْقَرْحُ بِالْفَتْحِ أَثَرُ الْجِرَاحَةِ وَبِالضَّمِّ أَثَرُهَا مِنْ دَاخِلٍ.
قَوْلُهُ: ﴿اسْتَجَابُوا﴾ أَجَابُوا، ﴿وَيَسْتَجِيبُ﴾ يُجِيبُ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ﴾ أَيْ: أَجَابَهُمْ، تَقُولُ الْعَرَبُ: اسْتَجَبْتُكَ أَيْ: أَجَبْتُكَ، قَالَ كَعْبُ الْغَنَوِيُّ:
وَدَاعٍ دَعَا يَا مَنْ يُجِيبُ إِلَى النَّدَى … فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أَيْ: يُجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا، وَهَذِهِ فِي سُورَةِ الشُّورَى، وَإِنَّمَا أَوْرَدَهَا الْمُصَنِّفُ اسْتِشْهَادًا لِلْآيَةِ الْأُخْرَى.
(تَنْبِيهٌ): لَمْ يَسُقِ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا، وَكَأَنَّهُ بَيَّضَ لَهُ، وَاللَّائِقُ بِهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: يَا ابْنَ أُخْتِي كَانَ أَبَوَاكَ مِنْهُمُ: الزُّبَيْرُ، وَأَبُو بَكْرٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي مَعَ شَرْحِهِ. وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ الْمُشْرِكُونَ عَنْ أُحُدٍ قَالُوا: لَا مُحَمَّدًا قَتَلْتُمْ، وَلَا الْكَوَاعِبَ رَدَفْتُمْ، بِئْسَمَا صَنَعْتُمْ، فَرَجَعُوا، فَنَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ النَّاسَ فَانْتَدَبُوا حَتَّى بَلَغَ حَمْرَاءَ الْأَسَدِ، فَبَلَغَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالُوا: نَرْجِعُ مِنْ قَابِلٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ الْآيَةَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، إِلَّا أَنَّ الْمَحْفُوظَ إِرْسَالُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ لَيْسَ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ،