دُخُولِ مَنِ اعْتَرَفَتِ الْمَرْأَةُ بِالرَّضَاعَةِ مَعَهُ عَلَيْهَا وَأَنَّهُ يَصِيرُ أَخًا لَهَا وَقَبُولُ قَوْلِهَا فِيمَنِ اعْتَرَفَتْ بِهِ، وَأَنَّ الزَّوْجَ يَسْأَلُ زَوْجَتَهُ عَنْ سَبَبِ إِدْخَالِ الرِّجَالِ بَيْتَهُ وَالِاحْتِيَاطِ فِي ذَلِكَ وَالنَّظَرِ فِيهِ، وَفِي قِصَّةِ سَالِمٍ جَوَازُ الْإِرْشَادِ إِلَى الْحِيَلِ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ تَعَاطِي مَا يُحَصِّلُ الْحِلَّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ حَلَالًا فِي الْحَالِ.
٢٢ - بَاب لَبَنِ الْفَحْلِ
٥١٠٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا، وَهُوَ عَمُّهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ، بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْحِجَابُ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ، فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ.
قَوْلُهُ (بَابُ لَبَنِ الْفَحْلِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ، أَيِ الرَّجُلِ، وَنِسْبَةُ اللَّبَنِ إِلَيْهِ مَجَازِيَّةٌ لِكَوْنِهِ السَّبَبَ فِيهِ.
قَوْلُهُ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) لِمَالِكٍ فِيهِ شَيْخٌ آخَرُ وَهُوَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَسِيَاقُهُ لِلْحَدِيثِ عَنْ عُرْوَةَ أَتَمُّ، وَسَيَأْتِي قُبَيْلَ كِتَابِ الطَّلَاقِ.
قَوْلُهُ (إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ) بِقَافٍ وَعَيْنٍ وَسِينٍ مُهْمَلَتَيْنِ مُصَغَّرٌ، وَتَقَدَّمَ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ، عَنْ عُرْوَةَ اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ فَلَمْ آذَنْ لَهُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَفْلَحُ بْنُ قُعَيْسٍ وَالْمَحْفُوظُ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْمُ أَبِيهِ قُعَيْسًا أَوِ اسْمُ جَدِّهِ فَنُسِبَ إِلَيْهِ فَتَكُونُ كُنْيَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ وَافَقَتِ اسْمَ أَبِيهِ أَوِ اسْمَ جَدِّهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ فِي الْأَدَبِ مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ فَإِنَّ أَخَا بَنِي الْقُعَيْسِ وَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، وَقَدْ مَضَى فِي تَفْسِيرِ الْأَحْزَابِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِلَفْظِ إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ وَمَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَهُوَ الْمَحْفُوظُ عَنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ، لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَفْلَحُ بْنُ أَبِي الْقُعَيْسِ، وَكَذَا لِأَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتِ اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ أَبُو الْجَعْدِ قَالَ فَقَالَ لِي هِشَامٌ: إِنَّمَا هُوَ أَبُو الْقُعَيْسِ. وَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا أَبُو الْقُعَيْسِ وَسَائِرُ الرُّوَاةِ عَنْ هِشَامٍ قَالُوا أَفْلَحُ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَكَذَا قَالَ سَائِرُ أَصْحَابِ عُرْوَةَ.
وَوَقَعَ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَبَا قُعَيْسٍ أَتَى عَائِشَةَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي قُعَيْسٍ، وَالْمَحْفُوظُ أَنَّ الَّذِي اسْتَأْذَنَ هُوَ أَفْلَحُ وَأَبُو الْقُعَيْسِ هُوَ أَخُوهُ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: كُلُّ مَا جَاءَ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَهْمٌ إِلَّا مَنْ قَالَ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ أَوْ قَالَ أَبُو الْجَعْدِ لِأَنَّهَا كُنْيَةُ أَفْلَحَ. قُلْتُ: وَإِذَا تَدَبَّرْتَ مَا حَرَّرْتُ عَرَفْتَ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الرِّوَايَاتِ لَا وَهْمَ فِيهِ وَلَمْ يُخْطِئْ عَطَاءٌ فِي قَوْلِهِ أَبُو الْجَعْدِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَفِظَ كُنْيَةَ أَفْلَحَ، وَأَمَّا اسْمُ أَبِي الْقُعَيْسِ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ إِلَّا فِي كَلَامِ الدَّارَقُطْنِيِّ فَقَالَ: هُوَ وَائِلُ بْنُ أَفْلَحَ الْأَشْعَرِيُّ، وَحَكَى هَذَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ثُمَّ حَكَى أَيْضًا أَنَّ اسْمَهُ الْجَعْدُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ أَخُوهُ وَافَقَ اسْمُهُ اسْمَ أَبِيهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو الْقُعَيْسِ نُسِبِ لِجَدِّهِ وَيَكُونَ اسْمُهُ وَائِلَ بْنَ قُعَيْسِ بْنِ أَفْلَحَ بْنِ الْقُعَيْسِ، وَأَخُوهُ أَفْلَحُ بْنُ قُعَيْسِ بْنُ أَفْلَحَ أَبُو الْجَعْدِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ: لَا أَعْلَمُ لِأَبِي الْقُعَيْسِ ذِكْرًا إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
قَوْلُهُ (وَهُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ) فِيهِ الْتِفَاتٌ، وَكَانَ السِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنْ يَقُولَ وَهُوَ عَمِّي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute