٦ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ صَدَقَةٍ﴾ وَهِيَ إِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ
١٨١٥ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سَيْفٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ حَدَّثَهُ قَالَ: وَقَفَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَرَأْسِي يَتَهَافَتُ قَمْلًا، فَقَالَ: يُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَاحْلِقْ رَأْسَكَ، أَوْ قَالَ: احْلِقْ. قَالَ: فِيَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ﴾ إِلَى آخِرِهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ تَصَدَّقْ بِفَرَقٍ بَيْنَ سِتَّةٍ، أَوْ انْسُكْ بِمَا تَيَسَّرَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ ﷿: ﴿أَوْ صَدَقَةٍ﴾ وَهِيَ إِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ) يُشِيرُ بِهَذَا إِلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ فِي الْآيَةِ مُبْهَمَةٌ فَسَّرَتْهَا السُّنَّةُ، وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: الصَّوْمُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ عَلَى عَشَرَةِ مَسَاكِينَ. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَنَافِعٍ نَحْوَهُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سَيْفٌ) هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ أَوِ ابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ.
قَوْلُهُ: (يَتَهَافَتُ) بِالْفَاءِ، أَيْ: يَتَسَاقَطُ شَيْئًا فَشَيْئًا.
قَوْلُهُ: (فَاحْلِقْ رَأْسَكَ أَوِ احْلِقْ) بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ، وَهُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي.
قَوْلُهُ: (بِفَرَقٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ وَقَدْ تُسَكَّنُ، قَالَهُ ابْنُ فَارِسٍ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: كَلَامُ الْعَرَبِ بِالْفَتْحِ، وَالْمُحَدِّثُونَ قَدْ يُسَكِّنُونَهُ، وَآخِرُهُ قَافٌ: مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ الْفَرَقُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قِلَابَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى: أَوْ أَطْعِمْ ثَلَاثَةَ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْفَرَقَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ اقْتَضَى أَنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إِنَّ الصَّاعَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ.
قَوْلُهُ: (أَوْ نُسُكٍ مِمَّا تَيَسَّرَ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَالْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ: أَوِ انْسُكْ بِمَا تَيَسَّرَ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ، وَهِيَ الْمُنَاسِبَةُ لِمَا قَبْلَهَا، وَتَقْدِيرُ الْأَوَّلِ: أَوِ انْسُكْ بِنُسُكٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ الذَّبْحُ.
٧ - بَاب الْإِطْعَامُ فِي الْفِدْيَةِ نِصْفُ صَاعٍ
١٨١٦ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ﵁ فَسَأَلْتُهُ عَنْ الْفِدْيَةِ، فَقَالَ: نَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً، وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً، حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أُرَى الْوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى، أَوْ مَا كُنْتُ أُرَى الْجَهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى، تَجِدُ شَاةً؟ فَقُلْتُ: لَا. فَقَالَ: فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ.
قَوْلُهُ: (بَابٌ الْإِطْعَامُ فِي الْفِدْيَةِ نِصْفُ صَاعٍ) أَيْ: لِكُلِّ مِسْكِينٍ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ فَرَّقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْقَمْحِ وَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ: نِصْفُ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ وَصَاعٌ مِنْ تَمْرٍ وَغَيْرِهِ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ تُضَاهِي قَوْلَهُمْ. قَالَ عِيَاضٌ: وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ، وَأَنَّهُ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ. وَلِشُعْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْنَادٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ