للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَبُو عُمَرَ: وَالسَّلْمُ بِالْفَتْحِ الصُّلْحُ، وَالسِّلْمُ بِالْكَسْرِ الْإِسْلَامُ. وَمَعْنَى الشَّرْطِ فِي الْآيَةِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالصُّلْحِ مُقَيَّدٌ بِمَا إِذَا كَانَ الْأَحَظُّ لِلْإِسْلَامِ الْمُصَالَحَةَ، أَمَّا إِذَا كَانَ الْإِسْلَامُ ظَاهِرًا عَلَى الْكُفْرِ وَلَمْ تَظْهَرِ الْمَصْلَحَةُ فِي الْمُصَالَحَةِ فَلَا.

ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَقَتْلِهِ بِخَيْبَرَ. وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ: انْطَلَقَ إِلَى خَيْبَرَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ وَفَهِمَ الْمُهَلَّبُ مِنْ قَوْلِهِ فِي آخِرِهِ فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ مِنْ عِنْدِهِ أَنَّهُ يُوَافِقُ قَوْلَهُ فِي التَّرْجَمَةِ: وَالْمُصَالَحَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ بِالْمَالِ فَقَالَ: إِنَّمَا وَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ اسْتِئْلَافًا لِلْيَهُودِ وَطَمَعًا فِي دُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ يَرُدُّهُ مَا فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الطَّرِيقِ فَكَرِهَ النَّبِيُّ أَنْ يُبْطِلَ دَمَهُ، فَإِنَّهُ مُشْعِرٌ بِأَنَّ سَبَبَ إِعْطَائِهِ دِيَتَهُ مِنْ عِنْدِهِ كَانَ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِ أَهْلِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَبَبًا لِذَلِكَ. وَبِهَذَا تَتِمُّ التَّرْجَمَةُ. وَأَمَّا أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ. فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ عَنْ مُوَادَعَةِ إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَهْلَ الْحَرْبِ عَلَى مَالٍ يُؤَدُّونَهُ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ ضَرُورَةٍ كَشَغْلِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ حَرْبِهِمْ. وَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُصَالِحَهُمْ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ يُؤَدُّونَهُ إِلَيْهِمْ كَمَا وَقَعَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا ضَعُفَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ جَازَتْ لَهُمْ مُهَادَنَتُهُمْ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ يُعْطُونَهُمْ، لِأَنَّ الْقَتْلَ لِلْمُسْلِمِينَ شَهَادَةٌ، وَإِنَّ الْإِسْلَامَ أَعَزُّ مِنْ أَنْ يُعْطَى الْمُشْرِكُونَ عَلَى أَنْ يُكَفُّوا عَنْهُمْ، إِلَّا فِي حَالَةِ مَخَافَةِ اصْطِلَامِ الْمُسْلِمِينَ لِكَثْرَةِ الْعَدُوِّ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي الضَّرُورَاتِ، وَكَذَلِكَ إِذَا أُسِرَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ فَلَمْ يُطْلَقْ إِلَّا بِفِدْيَةٍ جَازَ.

وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِثْمُ مَنْ لَمْ يَفِ بِالْعَهْدِ فَلَيْسَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مَا يُشْعِرُ بِهِ، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي كِتَابِ الْقَسَامَةِ مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(تَنْبِيهٌ):

قَوْلُهُ فِي نَسَبِ مُحَيِّصَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ابْنِ زَيْدٍ يُقَالُ إِنَّ الصَّوَابَ كَعْبٌ بَدَلَ زَيْدٍ.

١٣ - بَاب فَضْلِ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ

٣١٧٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبِ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا تِجَارًا بِالشَّامِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي مَادَّ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ أَبَا سُفْيَانَ فِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ

قَوْلُهُ: (بَابُ فَضْلِ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ) ذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ فِي قِصَّةِ هِرَقْلَ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَشَارَ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا إِلَى أَنَّ الْغَدْرَ عِنْدَ كُلِّ أُمَّةٍ قَبِيحٌ مَذْمُومٌ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ صِفَاتِ الرُّسُلِ.

١٤ - بَاب هَلْ يُعْفَى عَنْ الذِّمِّيِّ إِذَا سَحَرَ

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ سُئِلَ: أَعَلَى مَنْ سَحَرَ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ قَتْلٌ؟ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ صُنِعَ لَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْتُلْ مَنْ صَنَعَهُ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ

٣١٧٥ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ سُحِرَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ صَنَعَ شَيْئًا وَلَمْ يَصْنَعْهُ

[الحديث ٣١٧٥ - أطرافه في: ٢٢٦٨، ٥٧٦٣، ٥٧٦٥، ٥٧٦٦، ٦٠٦٣، ٦٣٩١]