للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢٧٩٩، ٢٨٠٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ خَالَتِهِ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ قَالَتْ: نَامَ النَّبِيُّ يَوْمًا قَرِيبًا مِنِّي ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَتَبَسَّمُ فَقُلْتُ: مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ يَرْكَبُونَ هَذَا الْبَحْرَ الْأَخْضَرَ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ، قَالَتْ: فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَدَعَا لَهَا ثُمَّ نَامَ الثَّانِيَةَ، فَفَعَلَ مِثْلَهَا، فَقَالَتْ: مِثْلَ قَوْلِهَا، فَأَجَابَهَا مِثْلَهَا، فَقَالَتْ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ، فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيًا أَوَّلَ مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ غَزْوتهِمْ قَافِلِينَ فَنَزَلُوا الشَّأْمَ فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَصَرَعَتْهَا فَمَاتَتْ.

قَوْلُهُ: (بَابُ فَضْلِ مَنْ يُصْرَعُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ فَهُوَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنَ الْمُجَاهِدِينَ، وَمَنْ مَوْصُولَةٌ، وَكَأَنَّهُ ضَمَّنَهَا مَعْنَى الشَّرْطِ فَعَطَفَ عَلَيْهَا بِالْفَاءِ وَعَطَفَ الْفِعْلَ الْمَاضِيَ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ قَلِيلٌ، وَكَانَ نَسَقُ الْكَلَامِ أَنْ يَقُولَ: مَنْ صُرِعَ فَمَاتَ، أَوْ مَنْ يُصْرَعْ فَيَمُوتُ، وَقَدْ سَقَطَ لَفْظُ فَمَاتَ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ.

قَوْلُهُ: وَقَوْلُ اللَّهِ ﷿ ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا﴾ الْآيَةَ أَيْ يَحْصُلُ الثَّوَابُ بِقَصْدِ الْجِهَادِ إِذَا خَلَصَتِ النِّيَّةُ، فَحَالَ بَيْنَ الْقَاصِدِ وَبَيْنَ الْفِعْلِ مَانِعٌ، فَإِنَّ قَوْلَهُ ﴿ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ﴾ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِقَتْلٍ أَوْ وُقُوعٍ مِنْ دَابَّتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَتُنَاسِبُ الْآيَةُ التَّرْجَمَةَ، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالسُّدِّيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ كَانَ مُسْلِمًا مُقِيمًا بِمَكَّةَ، فَلَمَّا سَمِعَ قَوْلَهُ تَعَالَى ﴿أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا﴾ قَالَ لِأَهْلِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ: أَخْرِجُونِي إِلَى جِهَةِ الْمَدِينَةِ فَأَخْرَجُوهُ فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ، فَنَزَلَتْ، وَاسْمُهُ ضَمْرَةُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ فِي كِتَابِي فِي الصَّحَابَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقَعَ: وَجَبَ) لَيْسَ هَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَثَبَتَ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ قَالَ: قَوْلُهُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ أَيْ وَجَبَ ثَوَابُهُ.

ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ أُمِّ حَرَامٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ شَرْحَهُ يَأْتِي فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ: وَالشَّاهِدُ مِنْهُ قَوْلُهُ فِيهِ فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَصَرَعَتْهَا فَمَاتَتْ، مَعَ دُعَاءِ النَّبِيِّ لَهَا أَنْ تَكُونَ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَأَنَّهُمْ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ فِي الْجَنَّةِ، وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْمَاضِيَةِ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقُرِّبَتْ لِتَرْكَبَهَا فَصَرَعَتْهَا لِأَنَّ التَّقْدِيرَ فَقُرِّبَتْ إِلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فَرَكِبَتْهَا فَصَرَعَتْهَا. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعًا مَنْ صُرِعَ عَنْ دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ فَهُوَ شَهِيدٌ فَكَأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ أَشَارَ إِلَيْهِ فِي التَّرْجَمَةِ. قُلْتُ: هُوَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، قَالَ: وَفِي حَدِيثِ أُمِّ حَرَامٍ أَنَّ حُكْمَ الرَّاجِعِ مِنَ الْغَزْوِ حُكْمُ الذَّاهِبِ إِلَيْهِ فِي الثَّوَابِ. وَيَحْيَى الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَفِي الْإِسْنَادِ تَابِعِيَّانِ هُوَ وَشَيْخُهُ وَصَحَابِيَّانِ أَنَسٌ وَخَالَتُهُ، وَقَوْلُهُ فِيهِ أَوَّلُ مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ كَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ.

٩ - بَاب مَنْ يُنْكَبُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

٢٨٠١ - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ