٥٣ - بَاب مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ
١٣٤ - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ.
وَعَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ: مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ؟ فَقَالَ: لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا الْعِمَامَةَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا الْبُرْنُسَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ الْوَرْسُ أَوْ الزَّعْفَرَانُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ.
[الحديث ١٣٤ - أطرافه في: ٥٨٥٢، ٥٨٤٧، ٥٨٠٦، ٥٨٠٥، ٥٨٠٣، ٥٧٩٤، ١٨٤٢، ١٨٣٨، ١٥٤٢، ٣٦٦]
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ) قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: مَوْقِعُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ مُطَابَقَةَ الْجَوَابِ لِلسُّؤَالِ غَيْرُ لَازِمٍ، بَلْ إِذَا كَانَ السَّبَبُ خَاصًّا وَالْجَوَابُ عَامًّا جَازَ، وَحُمِلَ الْحُكْمُ عَلَى عُمُومِ اللَّفْظِ لَا عَلَى خُصُوصِ السَّبَبِ لِأَنَّهُ جَوَابٌ وَزِيَادَةُ فَائِدَةٍ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْمُفْتِيَ إِذَا سُئِلَ عَنْ وَاقِعَةٍ وَاحْتَمَلَ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ السَّائِلُ يَتَذَرَّعُ بِجَوَابِهِ إِلَى أَنْ يُعَدِّيَهُ إِلَى غَيْرِ مَحَلِّ السُّؤَالِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَنْ يُفَصِّلَ الْجَوَابَ، وَلِهَذَا قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَكَأَنَّهُ سَأَلَ عَنْ حَالَةِ الِاخْتِيَارِ، فَأَجَابَهُ عَنْهَا، وَزَادَهُ حَالَةَ الِاضْطِرَارِ، وَلَيْسَتْ أَجْنَبِيَّةً عَنِ السُّؤَالِ لِأَنَّ حَالَةَ السَّفَرِ تَقْتَضِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ الْجَوَابَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُطَابِقًا لِلسُّؤَالِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُطَابِقَةِ عَدَمَ الزِّيَادَةِ، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ الْجَوَابَ يَكُونُ مُفِيدًا لِلْحُكْمِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ. وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا الْعُدُولُ عَمَّا لَا يَنْحَصِرُ إِلَى مَا يَنْحَصِرُ طَلَبًا لِلْإِيجَازِ ; لِأَنَّ السَّائِلَ سُئِلَ عَمَّا يَلْبَسُ فَأُجِيبَ بِمَا لَا يَلْبَسُ، إِذِ الْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ، وَلَوْ عَدَّدَ لَهُ مَا يَلْبَسُ لَطَالَ بِهِ، بَلْ كَانَ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بَعْضُ السَّامِعِينَ بِمَفْهُومِهِ فَيُظَنُّ اخْتِصَاصُهُ بِالْمُحَرَّمِ، وَأَيْضًا فَالْمَقْصُودُ مَا يَحْرُمُ لُبْسُهُ لَا مَا يَحِلُّ لَهُ لُبْسُهُ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ لِبَاسٌ مَخْصُوصٌ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَ شَيْئًا مَخْصُوصًا.
قَوْلُهُ: (وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ) هُوَ بِالضَّمِّ عَطْفًا عَلَى قَوْلِ آدَمَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ آدَمَ سَمِعَهُ مِنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ بِإِسْنَادَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ بِالْعَطْفِ عَلَى نَافِعٍ وَلَمْ يُعِدْ ذِكْرَ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ رَجُلًا) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى فَوَائِدِهِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ أَيْضًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(خَاتِمَةٌ): اشْتَمَلَ كِتَابُ الْعِلْمِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى مِائَةِ حَدِيثٍ وَحَدِيثَيْنِ، مِنْهَا فِي الْمُتَابَعَاتِ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَالتَّعَالِيقُ الَّتِي لَمْ يُوصِلْهَا فِي مَكَانٍ آخَرَ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ: كَتَبَ لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ، وَرَحَلَ جَابِرٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، وَقِصَّةُ ضِمَامٍ فِي رُجُوعِهِ إِلَى قَوْمِهِ، وَحَدِيثُ إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ. وَبَاقِي ذَلِكَ وَهُوَ ثَمَانُونَ حَدِيثًا كُلُّهَا مَوْصُولَةٌ، فَالْمُكَرَّرُ مِنْهَا سِتَّةَ عَشَرَ حَدِيثًا، وَبِغَيْرِ تَكْرِيرٍ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ حَدِيثًا، وَقَدْ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا إِلَّا سِتَّةَ عَشَرَ حَدِيثًا وَهِيَ الْأَرْبَعَةُ الْمُعَلَّقَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ، وَحَدِيثُهُ فِي الذَّبْحِ قَبْلَ الرَّمْيِ، وَحَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ فِي شَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ فِي إِعَادَةِ الْكَلِمَةِ ثَلَاثًا، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَسْعَدُ النَّاسِ بِالشَّفَاعَةِ، وَحَدِيثُ الزُّبَيْرِ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ، وَحَدِيثُ سَلَمَةَ مَ تَقَوَّلَ عَلَيَّ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ فِي الصَّحِيفَةِ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي كَوْنِهِ أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ حَدِيثًا، وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْفِتَنِ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَفِظْتُ وِعَاءَيْنِ.
وَالْمُرَادُ بِمُوَافَقَةِ مُسْلِمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute