اسْتَحْيَى فَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ، أَوْ قَالَ: تَوَضَّئِي بِهَا، فَأَخَذْتُهَا، فَجَذَبْتُهَا، فَأَخْبَرْتُهَا بِمَا يُرِيدُ النَّبِيُّ ﷺ.
قَوْلُهُ: (بَابُ غُسْلِ الْمَحِيضِ) تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ فِي التَّرْجَمَةِ الَّتِي قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ) هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمُ، وَمَنْصُورٌ هُوَ ابْنُ صَفِيَّةَ الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ: (وَتَوَضَّئِي ثَلَاثًا) يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ قَوْلُهُ ثَلَاثًا بِتَوَضَّئِي أَيْ كَرِّرِي الْوُضُوءَ ثَلَاثًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَالَ وَيُؤَيِّدُهُ السِّيَاقُ الْمُتَقَدِّمُ، أَيْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
قَوْلُهُ: (أَوْ قَالَ) كَذَا وَقَعَ بِالشَّكِّ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَسَاكِرَ وَقَالَ بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ، وَالْأُولَى أَظْهَرُ، وَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ فِي لَفْظِ بِهَا هَلْ هُوَ ثَابِتٌ أَمْ لَا، أَوِ التَّرَدُّدُ وَاقِعٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَفْظِ ثَلَاثًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
١٥ - بَاب امْتِشَاطِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنْ الْمَحِيضِ
٣١٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَهْلَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ، وَإِنَّمَا كُنْتُ تَمَتَّعْتُ بِعُمْرَةٍ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَمْسِكِي عَنْ عُمْرَتِكِ، فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَضَيْتُ الْحَجَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ فَأَعْمَرَنِي مِنْ التَّنْعِيمِ مَكَانَ عُمْرَتِي الَّتِي نَسَكْتُ قَوْلُهُ: (بَابُ امْتِشَاطِ الْمَرْأَةِ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ) هوَ ابْنُ سَعْدٍ.
قَوْلُهُ: (انْقُضِي رَأْسَكِ) أَيْ حُلِّي ضَفْرَهُ (وَامْتَشِطِي) قِيلَ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى التَّرْجَمَةِ، قَالَهُ الدَّاوُدِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ، قَالُوا: لِأَنَّ أَمْرَهَا بِالِامْتِشَاطِ كَانَ لِلْإِهْلَالِ وَهِيَ حَائِضٌ لَا عِنْدَ غُسْلِهَا، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِهْلَالَ بِالْحَجِّ يَقْتَضِي الِاغْتِسَالَ ; لِأَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ الْإِحْرَامِ، وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالِاغْتِسَالِ صَرِيحًا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فِيمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ وَلَفْظُهُ: فَاغْتَسِلِي ثُمَّ أَهِلِّي بِالْحَجِّ، فَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ جَرَى عَلَى عَادَتِهِ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى مَا تَضَمَّنَهُ بَعْضُ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا فِيمَا سَاقَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الدَّاوُدِيُّ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَا عِنْدَ غُسْلِهَا أَيْ مِنَ الْحَيْضِ وَلَمْ يُرِدْ نَفْيَ الِاغْتِسَالِ مُطْلَقًا، وَالْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ عَائِشَةَ إِنَّمَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا يَوْمَ النَّحْرِ فَلَمْ تَغْتَسِلْ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَّا لِلْإِحْرَامِ، وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا حَاضَتْ بِسَرِفَ وَتَطَهَّرَتْ بِعَرَفَةَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غُسْلِ الْإِحْرَامِ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ غُسْلَهَا إِذْ ذَاكَ كَانَ لِلْإِحْرَامِ اسْتُفِيدَ مَعْنَى التَّرْجَمَةِ مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ ; لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ لَهَا الِامْتِشَاطُ فِي غُسْلِ الْإِحْرَامِ وَهُوَ مَنْدُوبٌ كَانَ جَوَازُهُ لِغُسْلِ الْمَحِيضِ وَهُوَ وَاجِبٌ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (أَمَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ) يَعْنِي ابْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَلَيْلَةُ الْحَصْبَةِ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي نَزَلُوا فِيهَا فِي الْمُحَصَّبِ، وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي نَزَلُوهُ بَعْدَ النَّفْرِ مِنْ مِنًى خَارِجَ مَكَّةَ.
قَوْلُهُ: (الَّتِي نَسَكْتُ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، مَأْخُوذٌ مِنَ النُّسُكِ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ سَكَتُّ بِحَذْفِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ آخِرِهِ أَيْ عَنْهَا، وَالْقَابِسِيِّ بِمُعْجَمَةٍ وَالتَّخْفِيفِ، وَالضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ إِلَى عَائِشَةَ عَلَى سَبِيلِ الِالْتِفَاتِ، وَفِي السِّيَاقِ الْتِفَاتٌ آخَرُ بَعْدَ الْتِفَاتٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ.
١٦ - بَاب نَقْضِ الْمَرْأَةِ شَعَرَهَا عِنْدَ غُسْلِ الْمَحِيضِ
٣١٧ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا