للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْ قَوْلِهِ إِنَّمَا يَكْفِيكَ ; وَأَمَّا مَا اسْتُدِلَّ بِهِ مِنِ اشْتِرَاطِ بُلُوغِ الْمَسْحِ إِلَى الْمَرْفِقَيْنِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مُشْتَرَطٌ فِي الْوُضُوءِ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ، فَهُوَ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ وَقَدْ عَارَضَهُ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ بِقِيَاسٍ آخَرَ، وَهُوَ الْإِطْلَاقُ فِي آيَةِ السَّرِقَةِ، وَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ مَعَ وُجُودِ هَذَا النَّصِّ.

٣٤٢ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ. . وَسَاقَ الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ) هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يَسُقِ الْمَتْنَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَلْ قَالَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَفْظَهُ يُوَافِقُ اللَّفْظَ الَّذِي قَبْلَهُ. ثُمَّ سَاقَهُ نَازِلًا مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، وَأَظُنُّهُ قَصَدَ بِإِيرَادِ هَذِهِ الطُّرُقِ الْإِشَارَةَ إِلَى أَنَّ النَّضْرَ تَفَرَّدَ بِزِيَادَتِهِ، وَأَنَّ الْحَكَمَ سَمِعَهُ مِنْ سَعِيدٍ بِلَا وَاسِطَةٍ.

٣٤٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَمَّارٌ: فَضَرَبَ النَّبِيُّ بِيَدِهِ الْأَرْضَ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ.

واخْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ سِيَاقَ غُنْدَرٍ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ وَسِيَاقُهُ أَتَمُّ ذَكَرَ فِيهِ قِصَّةَ عُمَرَ وَذَكَرَ فِيهِ النَّفْخَ أَيْضًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٦ - بَاب الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ يَكْفِيهِ مِنْ الْمَاءِ

وَقَالَ الْحَسَنُ: يُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ مَا لَمْ يُحْدِثْ. وَأَمَّ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ مُتَيَمِّمٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى السَّبَخَةِ وَالتَّيَمُّمِ بِهَا.

٣٤٤ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ، قَالَ: كُنَّا فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ ، وَإِنَّا أَسْرَيْنَا حَتَّى إذا كُنَّا فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَقَعْنَا وَقْعَةً وَلَا وَقْعَةَ أَحْلَى عِنْدَ الْمُسَافِرِ مِنْهَا، فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ اسْتَيْقَظَ فُلَانٌ، ثُمَّ فُلَانٌ، ثُمَّ فُلَانٌ، يُسَمِّيهِمْ أَبُو رَجَاءٍ، فَنَسِيَ عَوْفٌ، ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الرَّابِعُ، وَكَانَ النَّبِيُّ إِذَا نَامَ لَمْ يُوقَظْ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَسْتَيْقِظُ؛ لِأَنَّا لَا نَدْرِي مَا يَحْدُثُ لَهُ فِي نَوْمِهِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ وَرَأَى مَا أَصَابَ النَّاسَ، وَكَانَ رَجُلًا جَلِيدًا، فَكَبَّرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ بِصَوْتِهِ النَّبِيُّ ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ شَكَوْا إِلَيْهِ الَّذِي أَصَابَهُمْ، قَالَ: لَا ضَيْرَ، أَوْ لَا يَضِيرُ، ارْتَحِلُوا، فَارْتَحَلَ، فَسَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ نَزَلَ فَدَعَا بِالْوَضُوءِ فَتَوَضَّأَ، وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى بِالنَّاس، فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُعْتَزِلٍ لَمْ يُصَلِّ مَعَ الْقَوْمِ، قَالَ: مَا مَنَعَكَ يَا فُلَانُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ؟ قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ، قَالَ: عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ، فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ، ثُمَّ سَارَ النَّبِيُّ ، فَاشْتَكَى إِلَيْهِ النَّاسُ مِنْ الْعَطَشِ، فَنَزَلَ فَدَعَا فُلَانًا كَانَ يُسَمِّيهِ أَبُو رَجَاءٍ نَسِيَهُ عَوْفٌ، وَدَعَا عَلِيًّا فَقَالَ: اذْهَبَا فَابْتَغِيَا الْمَاءَ، فَانْطَلَقَا فَتَلَقَّيَا امْرَأَةً بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ أَوْ سَطِيحَتَيْنِ مِنْ مَاءٍ عَلَى

بَعِيرٍ لَهَا، فَقَالَا لَهَا: أَيْنَ الْمَاءُ؟ قَالَتْ: عَهْدِي بِالْمَاءِ أَمْسِ هَذِهِ السَّاعَةَ، وَنَفَرُنَا خُلُوفًا، قَالَا لَهَا: انْطَلِقِي إِذًا، قَالَتْ إِلَى أَيْنَ؟ قَالَا: إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، قَالَتْ: الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ؟ قَالَا: هُوَ الَّذِي تَعْنِينَ، فَانْطَلِقِي، فَجَاءَا بِهَا إِلَى النَّبِيِّ وَحَدَّثَاهُ الْحَدِيثَ، قَالَ: فَاسْتَنْزَلُوهَا عَنْ بَعِيرِهَا، وَدَعَا النَّبِيُّ بِإِنَاءٍ فَفَرَّغَ فِيهِ مِنْ أَفْوَاهِ الْمَزَادَتَيْنِ أَوْ السَطِيحَتَيْنِ، وَأَوْكَأَ أَفْوَاهَهُمَا وَأَطْلَقَ الْعَزَالى، وَنُودِيَ فِي النَّاسِ اسْقُوا وَاسْتَقُوا، فَسَقَى مَنْ شَاءَ وَاسْتَقَى مَنْ شَاءَ، وَكَانَ آخِرُ ذَاكَ أَنْ أَعْطَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الْجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ، قَالَ: اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ، وَهِيَ قَائِمَةٌ تَنْظُرُ إِلَى مَا يُفْعَلُ بِمَائِهَا، وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ أُقْلِعَ عَنْهَا وَإِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشَدُّ مِلْأَةً مِنْهَا حِينَ ابْتَدَأَ فِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ : اجْمَعُوا لَهَا، فَجَمَعُوا لَهَا مِنْ بَيْنِ عَجْوَةٍ وَدَقِيقَةٍ وَسَوِيقَةٍ حَتَّى جَمَعُوا لَهَا طَعَامًا فَجَعَلُوهَا فِي ثَوْبٍ، وَحَمَلُوهَا عَلَى بَعِيرِهَا، وَوَضَعُوا الثَّوْبَ بَيْنَ يَدَيْهَا، قَالَ لَهَا: تَعْلَمِينَ مَا رَزِئْنَا مِنْ مَائِكِ شَيْئًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَسْقَانَا، فَأَتَتْ أَهْلَهَا وَقَدْ احْتَبَسَتْ عَنْهُمْ، قَالُوا: مَا حَبَسَكِ يَا فُلَانَةُ؟ قَالَتْ: الْعَجَبُ، لَقِيَنِي رَجُلَانِ فَذَهَبَا بِي إِلَى هَذَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ، فَفَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَأَسْحَرُ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ وَهَذِهِ، وَقَالَتْ بِإِصْبَعَيْهَا الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ فَرَفَعَتْهُمَا إِلَى السَّمَاءِ تَعْنِي السَّمَاءَ

وَالْأَرْضَ، أَوْ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ يُغِيرُونَ عَلَى مَنْ حَوْلَهَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَلَا يُصِيبُونَ الصِّرْمَ الَّذِي هِيَ مِنْهُ، فَقَالَتْ يَوْمًا لِقَوْمِهَا: مَا أُرَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ يَدْعُونَكُمْ عَمْدًا، فَهَلْ لَكُمْ فِي الْإِسْلَامِ؟ فَأَطَاعُوهَا فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: صَبَأَ: خَرَجَ مِنْ دِينٍ إِلَى غَيْرِهِ.

وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: الصَّابِئِينَ - وفي نسخة الصابئون - فِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ الزَّبُورَ.

قَوْلُهُ: (بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ (الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ) هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لَفْظُ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، لَكِنْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: إِنَّ الصَّوَابَ إِرْسَالُهُ. وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ بُجْدَانَ - وَهُوَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ - أَبِي ذَرٍّ نَحْوَهُ، وَلَفْظُهُ إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ. وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحَسَنُ) وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَلَفْظُهُ يُجْزِئُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ مَا لَمْ يُحْدِثْ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَلَفْظُهُ لَا يَنْقُضُ التَّيَمُّمَ إِلَّا الْحَدَثُ وَسَعِيدُ ابْنُ مَنْصُورٍ وَلَفْظُهُ التَّيَمُّمُ بِمَنْزِلَةِ الْوُضُوءِ، إِذَا تَيَمَّمْتَ فَأَنْتَ عَلَى وُضُوءٍ حَتَّى تُحْدِثَ وَهُوَ أَصْرَحُ فِي مَقْصُودِ الْبَابِ. وَكَذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ تُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ مِثْلَ الْوُضُوءِ مَا لَمْ تُحْدِثْ.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ مُتَيَمِّمٌ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ إِذَا خَافَ الْجُنُبُ لِعَمْرِوِ بْنِ الْعَاصِ مِثْلُهُ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ يَقُومُ مَقَامَ الْوُضُوءِ وَلَوْ كَانَتِ الطَّهَارَةُ بِهِ ضَعِيفَةً لَمَا أَمَّ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ مُتَيَمِّمٌ مَنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَافَقَ فِيهَا الْبُخَارِيُّ الْكُوفِيِّينَ وَالْجُمْهُورَ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ - مِنَ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ - إِلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ ضَرُورِيَّةٌ لِاسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَلِذَلِكَ أَعْطَى النَّبِيُّ الَّذِي أَجْنَبَ فَلَمْ يُصَلِّ الْإِنَاءَ مِنَ الْمَاءِ لِيَغْتَسِلَ بِهِ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَهُ عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ ; لِأَنَّهُ وَجَدَ الْمَاءَ فَبَطَلَ تَيَمُّمُهُ.

وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ أَكْثَرَ مِنْ فَرِيضَةٍ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ نَظَرٌ، وَقَدْ أُبِيحَ عِنْدَ الْأَكْثَرِ بِالتَّيَمُّمِ