للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَدِيثُ عَمَّارٍ فَوَرَدَ بِذِكْرِ الْكَفَّيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَبِذِكْرِ الْمِرْفَقَيْنِ فِي السُّنَنِ، وَفِي رِوَايَةٍ إِلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ، وَفِي رِوَايَةٍ إِلَى الْآبَاطِ. فَأَمَّا رِوَايَةُ الْمَرْفِقَيْنِ وَكَذَا نِصْفُ الذِّرَاعِ فَفِيهِمَا مَقَالٌ، وَأَمَّا رِوَايَةُ الْآبَاطِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ وَقَعَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ فَكُلُّ تَيَمُّمٍ صَحَّ لِلنَّبِيِّ بَعْدَهُ فَهُوَ نَاسِخٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ وَقَعَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَالْحُجَّةُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ.

وَمِمَّا يُقَوِّي رِوَايَةَ الصَّحِيحَيْنِ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ كَوْنُ عَمَّارٍ كَانَ يُفْتِي بَعْدَ النَّبِيِّ بِذَلِكَ، وَرَاوِي الْحَدِيثِ أَعْرَفُ بِالْمُرَادِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا سِيَّمَا الصَّحَابِيَّ الْمُجْتَهِدَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَسْأَلَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ) هُوَ ابْنُ مِنْهَالٍ، وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ شُعْبَةَ بِغَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ، وَلَمْ يَسْمَعِ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَتَابَعَهُ عَلَى هَذَا السِّيَاقِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ، عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ أَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ، وَخَالَفَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ الْبَصْرِيُّ عَنْهُ فَقَالَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُ وَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ وَهِمَ فِيهِ. قُلْتُ: سَقَطَتْ مِنْ رِوَايَتِهِ لَفْظَةُ ابْنٍ وَلَا بُدَّ مِنْهَا ; لِأَنَّ أَبْزَى وَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَا رِوَايَةَ لَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَوْلُهُ: (عَنِ الْحَكَمِ) فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ، وَالْأَصِيلِيِّ أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْمُنْذِرِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الْوَقْتِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

قَوْلُهُ: (بِهَذَا) أَشَارَ إِلَى سِيَاقِ الْمَتْنِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ رِوَايَةِ آدَمَ، عَنْ شُعْبَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجٍ قِصَّةُ عُمَرَ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ النَّضْرُ) هُوَ ابْنُ شُمَيْلٍ، وَهَذَا التَّعْلِيقُ مَوْصُولٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنِ النَّضْرِ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ عَنْهُ وَأَفَادَ النَّضْرُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْحَكَمَ سَمِعَهُ مِنْ شَيْخِ شَيْخِهِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ ذَرٍّ، عَنْ سَعِيدٍ ثُمَّ لَقِيَ سَعِيدًا فَأَخَذَهُ عَنْهُ، وَكَأَنَّ سَمَاعَهُ لَهُ مِنْ ذَرٍّ كَانَ أَتْقَنَ وَلِهَذَا أَكْثَرُ مَا يَجِيءُ فِي الرِّوَايَاتِ بِإِثْبَاتِهِ، وَأَفَادَتْ رِوَايَةُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ أَنَّ عُمَرَ أَيْضًا كَانَ قَدْ أَجْنَبَ فَلِهَذَا خَالَفَ اجْتِهَادُهُ اجْتِهَادَ عَمَّارٍ.

٣٤١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ عَمَّارٌ لِعُمَرَ: تَمَعَّكْتُ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ فَقَالَ: يَكْفِيكَ الْوَجْهَ وَالْكَفَّانِ.

قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ (يَكْفِيكَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ) كَذَا فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَغَيْرِهِ بِالرَّفْعِ فِيهِمَا عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَكَرِيمَةَ يَكْفِيكَ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ بِالنَّصْبِ فِيهِمَا عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ إِمَّا بِإِضْمَارِ أَعْنِي أَوِ التَّقْدِيرُ يَكْفِيكَ أَنْ تَمْسَحَ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ، أَوْ بِالرَّفْعِ فِي الْوَجْهِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وَبِالنَّصْبِ فِي الْكَفَّيْنِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ، وَقِيلَ إِنَّهُ رُوِيَ بِالْجَرِّ فِيهِمَا وَوَجَّهَهُ ابْنُ مَالِكٍ بِأَنَّ الْأَصْلَ يَكْفِيكَ مَسْحُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَبَقِيَ الْمَجْرُورُ بِهِ عَلَى مَا كَانَ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْكَفَّيْنِ لَيْسَ بِفَرْضٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْجَهْمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَنَقَلَهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: رَوَاهُ أَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ: وَهُوَ إِنْكَارٌ مَرْدُودٌ ; لِأَنَّ أَبَا ثَوْرٍ إِمَامٌ ثِقَةٌ. قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا فَهُوَ الْقَوِيُّ فِي الدَّلِيلِ. انْتَهَى كَلَامُهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.

وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ بَيَانُ صُورَةِ الضَّرْبِ لِلتَّعْلِيمِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ بَيَانَ جَمِيعِ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّيَمُّمُ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ سِيَاقَ الْقِصَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ بَيَانُ جَمِيعِ ذَلِكَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الظَّاهِرُ