وَهُوَ مِنْ نَادِرِ صَنِيعِهِ، بِخِلَافِ الْبُخَارِيِّ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ الْحَدِيثَ كَثِيرًا فِي الْأَبْوَابِ.
١٨ - بَاب: ﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾
٤٠٥١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ ﵁ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا: ﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا﴾ بَنِي سَلِمَةَ وَبَنِي حَارِثَةَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ، وَاللَّهُ يَقُولُ: ﴿وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا﴾.
[الحديث ٤٠٥٤ - طرفه في: ٥٨٢٦]
٤٠٥٢ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: هَلْ نَكَحْتَ يَا جَابِرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: مَاذَا، أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ قُلْتُ: لَا، بَلْ ثَيِّبًا: قَالَ: فَهَلَّا جَارِيَةً تُلَاعِبُكَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ كُنَّ لِي تِسْعَ أَخَوَاتٍ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَجْمَعَ إِلَيْهِنَّ جَارِيَةً خَرْقَاءَ مِثْلَهُنَّ، وَلَكِنْ امْرَأَةً تَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ، قَالَ: أَصَبْتَ.
٤٠٥٣ - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ﵄، أَنَّ أَبَاهُ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا وَتَرَكَ سِتَّ بَنَاتٍ. فَلَمَّا حَضَرَ جذاذ النَّخْلِ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقُلْتُ: قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ وَالِدِي قَدْ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ دَيْنًا كَثِيرًا، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَرَاكَ الْغُرَمَاءُ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَبَيْدِرْ كُلَّ تَمْرٍ عَلَى نَاحِيَةٍ، فَفَعَلْتُ ثُمَّ دَعَوْتُهُ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ كَأَنَّهُمْ أُغْرُوا بِي تِلْكَ السَّاعَةَ، فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ أَطَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِك أَصْحَابَكَ. فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّى اللَّهُ عَنْ وَالِدِي أَمَانَتَهُ، وَأَنَا أَرْضَى أَنْ يُؤَدِّيَ اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِي، وَلَا أَرْجِعَ إِلَى أَخَوَاتِي بِتَمْرَةٍ، فَسَلَّمَ اللَّهُ الْبَيَادِرَ كُلَّهَا، حتَّى أنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْبَيْدَرِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ كَأَنَّهَا لَمْ تَنْقُصْ تَمْرَةً وَاحِدَةً.
قَوْلُهُ: (بَابُ ﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا﴾ الْآيَةَ) الْفَشَلُ بِالْفَاءِ وَالْمُعْجَمَةِ الْجُبْنُ، وَقِيلَ: الْفَشَلُ فِي الرَّأْيِ الْعَجْزُ، وَفِي الْبَدَنِ الْإِعْيَاءُ، وَفِي الْحَرْبِ الْجُبْنُ، وَالْوَلِيُّ: النَّاصِرُ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ أَحَدَ عَشَرَ حَدِيثًا: الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ
قَوْلُهُ: (عَنْ عَمْرٍو) هُوَ ابْنُ دِينَارٍ.
قَوْلُهُ: (نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا) أَيْ فِي قَوْمِهِ بَنِي سَلِمَةَ وَهُمْ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَفِي أَقَارِبِهِمْ بَنِي حَارِثَةَ وَهُمْ مِنَ الْأَوْسِ.
قَوْلُهُ: (وَمَا أُحِبُّ أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ وَاللَّهُ يَقُولُ: وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا) أَيْ: وَإِنَّ الْآيَةَ وَإِنْ كَانَ فِي ظَاهِرِهَا غَضٌّ مِنْهُمْ، لَكِنْ فِي آخِرِهَا غَايَةُ الشَّرَفِ لَهُمْ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَوْلُهُ: (وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا) أَيِ الدَّافِعُة عَنْهُمَا مَا هَمُّوا بِهِ مِنَ الْفَشَلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ مِنْ غَيْرِ وَهْنٍ مِنْهُمْ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَمْرٍو) هُوَ ابْنُ دِينَارٍ.
قَوْلُهُ: (تِسْعَ بَنَاتٍ) فِي رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ: سِتَّ بَنَاتٍ، فَكَأَنَّ ثَلَاثًا